من أحكام المذكورات عدم الضمان، فالقدر الخارج هو التلف حال التعدي أو التفريط، ولا مجرى للاستصحاب بعد تحقق عنوان ما لا ضمان معه. ومما ذكرنا يظهر حال ما إذا كان مال بيده غصبا أو مقبوضا بالبيع الفاسد أو نحو ذلك ثم وكله المالك في بيعه أو الشراء به أو نحو ذلك أو جعله وديعة عنده أو عارية أو رهنا أو نحو ذلك، فإن مقتضى دخوله في هذه العناوين ارتفاع الضمان لتغير العنوان. لكن ذكر جماعة (1) في باب الرهن: بقاء الضمان إلا أن يأذن في الإبقاء تحت يده، بل عن بعضهم:
بقاء الضمان ولو مع الإذن في الإبقاء. والأقوى عدمه، خصوصا مع إمكان دعوى أن المراد من «اليد» في قاعدتها اليد العادية، وبعد الدخول في العناوين المذكورة ليست عادية خصوصا بعد الإذن في الإبقاء.
(مسألة 3): لا تبطل الوكالة بالتعدي والتفريط في مال الموكل - كما أشرنا إليه - وإن كان الوكيل ضامنا، لأن المبطل لها هو الفسخ أو العزل، كما أن الأمر كذلك في مثل الرهن والوديعة والعارية. وحينئذ فلو كان وكيلا في البيع فباع صح، ويخرج بالبيع عن الضمان ولو قلنا بمقالة المشهور من بقائه ولو بعد العدول عن التعدي، وذلك لأنه مأذون فيه بمقتضى الوكالة فيكون بمنزلة تسليمه إلى المالك، ولا فرق في ذلك بين ما قبل تسليم المبيع إلى المشتري وما بعده، خلافا للثانيين فقالا: ببقاء الضمان في الأول لاحتمال انفساخ البيع بالتلف قبل القبض (2). وفيه: أن الانفساخ من حين التلف لا من الأول فبمجرد البيع الصحيح يخرج عن الضمان. ومنه يظهر أنه لا فرق بين كون البيع خياريا أو لا، ولو كان الخيار للمشتري، ولا يضمن الثمن أيضا إذا قبضه، بناء على ما ذكرنا