الفصل الرابع فيما إذا أجاب المدعى عليه بالإنكار ليعلم أولا أن الفاصل بين الخصومات - مع عدم إقرار المدعى عليه، وعدم علم الحاكم - إنما هو البينة واليمين، كما في جملة من الأخبار:
منها: صحيحة سعد وهشام: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان» (1) وهذه الأخبار مجملة من حيث اعتبار ضمهما معا، أو كفاية أحدهما لأحدهما أيهما كان، أو كل منهما لمعين.
لكن يستفاد من جملة أخرى: أن البينة وظيفة المدعي، واليمين وظيفة المدعى عليه.
منها: صحيحة العجلي: «الحقوق كلها البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه إلا في الدم خاصة» (2) ومقتضى التفصيل القاطع للشركة: أنه لا يشترط ضم اليمين إلى البينة بمقتضى القاعدة إلا إذا كان هناك دليل خاص كما في الدعوى على الميت، وأنه لا يقبل من المدعي اليمين من غير رضى المدعى عليه.
بل وكذا لا يقبل من المنكر البينة، وظاهر العلماء أيضا عدم قبولها منه، لأنها بينة نفي وهي غير مقبولة. لكن يمكن أن يقال: بناء على عموم حجية البينة، بل الذي يقتضيه إطلاق الأخبار الدالة على أن الفاصل هو البينة واليمين، أنه لا مانع من كفاية البينة للمنكر أيضا إذا شهدت بالنفي على وجه الجزم، لا بالاعتماد على أصل العدم وأصل البراءة، كما إذا ادعى على أحد أنه أتلف ماله المعين الفلاني وهو أنكر وأقام بينة على النفي فشهدت