أن يقال: إن الثابت من الأدلة ليس أزيد من جواز التصرف ما دام الجحود أو المماطلة وأنه يستصحب حينئذ عدم جواز التصرف الثابت قبل المقاصة (1) إذ هو كما ترى، خصوصا تمسكه بالاستصحاب المذكور المقطوع بانقطاعه، ومن العجب أنه ذكر بعدها التعارض بين هذا الاستصحاب وبين استصحاب جواز التصرف الثابت بعد التقاص.
وكذا لو عثر المقاص بعد المقاصة على ماله أو أمكنه الانتزاع من المقتص منه فإنه ليس له أخذه ورد ما أخذه مقاصة أو رد بدله إذا كان تالفا لما ذكر من التعاوض.
(مسألة 9): هل يجوز المقاصة بالوديعة؟ قولان، فعن جماعة الجواز (2) ونسب إلى أكثر المتأخرين (3) بل الظاهر أنه المشهور، وعن جماعة من القدماء المنع (4) بل عن الغنية عليه الإجماع (5) وعن الدروس وظاهر الروضة التوقف (6).
والأقوى هو الأول، لعموم الآيات والأخبار المؤيدة بقاعدتي الضرر والحرج وخصوص صحيحة البقباق: «أن شهابا ماراه في رجل ذهب له بألف درهم واستودعه بعد ذلك ألف درهم، قال أبو العباس فقلت له:
خذها مكان الألف التي أخذ منك، فأبى شهاب، قال: فدخل شهاب على