يرمون المحصنات " (1) يعني العفايف، والمجنونة لا توصف بذلك بلا خلاف، ومتى أراد اللعان فلا يخلو أن تكون حائلا أو حاملا، فإن كانت حايلا لم يكن له اللعان لأن المقصود به درء الحد أو نفي نسب وليس ها هنا واحد منهما، وفيهم من قال له اللعان ها هنا ليوقع الفرقة المؤبدة، وهو ضعيف عندهم.
وإن كانت حاملا فوضعت كان له اللعان على نفيه، لأن نفي الولد من المجنونة كنفيه من العاقلة، فإذا التعن تعلق به أربعة أحكام: نفي النسب، ودرء الحد وإيقاع الفرقة، والتحريم المؤبد، فيتعلق به ثلاثة منها غير درء الحد، لأنه لم يجب عليه، وقال قوم هذا خلاف الاجماع لأن أحدا لم يقل بذلك.
ويقوى في نفسي أنه ليس له اللعان لأن لعانه لا تأثير له، وإنما يتعلق أحكام اللعان بلعانهما معا، وهيهنا لا يصح منها اللعان، ومن خالف في ذلك بناه على أن هذه الأحكام تتعلق بلعان الرجل وحده، وعلى هذا إذا أتت زوجته المجنونة بولد من الزنا لحق به، لأنه لا طريق له إلى نفيه عن نفسه، وكذلك إن قذف زوجته بالزنا وكذبته لاعنها ونفى ولدها، وإن صدقته وقالت أنا زنيت وأتيت به من زنا لحقه، ولم يكن له أن يلاعن لأنها ولدته على فراشه.
فإذا ثبت هذا فمن قال يتعلق به ثلاثة أحكام قال إن أكذب الزوج نفسه فالأصل فيمن لاعن زوجته ثم أكذب نفسه أن يقبل منه ما عليه دون ماله، والذي عليه لحوق النسب ووجوب الحد، والذي له زوال الفرقة وارتفاع التحريم المؤبد بالفرقة وهل عليه التعزير على وجهين.
للرجل أن يزوج بنته الصغيرة بعبد ومن راعى الحرية في الكفاءة قال: لا يجوز، فأما الكبيرة إذا رضيت به فلا خلاف أنه يجوز، وكذلك له أن يزوجها بمجنون أو مجذوم أو أبرص أو خصي، ومتى زوجها من واحد من هؤلاء صح العقد.
ومن خالف قال فيه قولان أحدهما باطل، والآخر صحيح، فإذا قال صحيح فهل عليه فسخ النكاح على وجهين أحدهما عليه الفسخ، والثاني ليس له الفسخ لأنه