بعد العقد وقبل الدخول سقط المسمى ووجب مهر المثل، لأن الفسخ وإن كان في الحال فإنه مستند إلى حال حدوث العيب، فيكون كأنه وقع مفسوخا حين حدث العيب.
وإن كان حدوثه قبل الدخول فكأنه مفسوخ قبل الدخول، وحصل الدخول في نكاح مفسوخ فوجب مهر المثل. وأما أن كان العيب حدث بعد الدخول، استقر المسمى لأن الفسخ إذا كان كالموجود حين حدوث العيب فقد حدث بعد الإصابة، فاستقر المهر ثم فسخ بعد استقراره، فلهذا لزمه المسمى فهذا فصل بين ما يحدث بعد الدخول وقبله فأما إن دخلا أو أحدهما مع العلم بالعيب فلا خيار بلا خلاف.
فإن حدث بعد هذا عيب آخر نظرت، فإن كان غير الأول مثل أن كان بها برص في مكان ثم ظهر بها في مكان آخر، قال قوم هذا عيب حادث ثبت به الخيار، فأما إن كبر الذي كان موجودا مثل أن كان بها من البرص بقدر الدرهم ثم اتسع وكبر قال قوم لا خيار له، لأن هذا ذاك الذي وقع الرضا به، فلا يفيد الخيار، والذي يقتضيه مذهبنا أن ما حدث بعد الدخول ورضاه بالعيب الأول لا يثبت به الخيار، لأنه لا دليل عليه.
كل موضع يثبت فيه الخيار بالعيب لأحد الزوجين فهو على الفور كخيار الرد بالعيب في المبيع، ولسنا نريد بالفور أن له الفسخ بنفسه، وإنما نريد به أن المطالبة بالفسخ على الفور: يأتي إلى الحاكم على الفور ويطالب بالفسخ، فإن كان العيب متفقا عليه فسخ الحاكم وإن اختلفا فالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، وأما الفسخ فإلى الحاكم لأنه فسخ مختلف فيه.
ولو قلنا على مذهبنا أن له الفسخ بنفسه كان قويا والأول أحوط لقطع الخصومة.
وأما الأمة إذا أعتقت تحت عبد فلها الفسخ بنفسها من غير حاكم لأنه متفق عليه.
وقال قوم إن البراءة من العيوب شرط في الكفاءة فإن كان بالزوج عيب يرد به ورغبت إليه فأبى الولي أو دعى الولي فأبت هي نظرت، فإن كان العيب جنونا فإن دعت إلى مجنون كان للولي منعها منه، لأن عليه في ذلك غضاضة، وإن كان دعاها هو إلى مجنون كان لها الامتناع منه.