يصدقها منفعة شئ بعينه، وهو لا يقدر عليها، كما لو أصدقها منفعة عبد لا يملكه، فإنه لا يصح.
فإن أصدقها تعليم سورة بعينها فأتت بغيرها فقالت لقني هذه مكان تلك [لم يكن لها مطالبته بذلك، وإن أتت بآخر وقالت لقني هذا] ظ فهل لها مطالبته بذلك أم لا على وجهين:
أحدهما لها ذلك، لأنها قد استحقت، فكان لها أن تستوفيها بنفسها وبغيرها كما لو اكترت دابة للركوب فلها أن يستوفيها بنفسها وبمن يقوم مقامها وبغيرها.
الثاني ليس لها ذلك لأن الذي لزمه إيقاع منفعة في عين فلا يلزمه العدول إلى غيره كما لو أصدقها خياطة ثوب بعينه لا يلزمه خياطة مثله، ولأنها ربما كانت أذكى منه فنتلقن أسرع، فيكون أخف عليه.
فإن أصدقها تعليم سورة من القرآن ثم اختلفا فقال: قد علمتك فأنكرت فإن كانت لا تحفظها، فالقول قولها مع يمينها، لأن الأصل أنه ما لقنها، وإن كانت حافظة لها وقالت إني حفظتها من غيره فعلى وجهين أحدهما القول قولها، لأن الأصل أنه ما لقنها وهو الأقوى، والثاني القول قوله، لأنها ما كانت تحفظها، وهي الآن تحفظها فالظاهر أنها منه حفظت.
فإذا أصدقها تعليم سورة فلقنها فلم يتحفظ لها شئ، أو حفظتها من غيره، فالحكم فيهما واحد، أو يكون أصدقها شيئا بعينه فهلك قبل القبض، كما لو أصدقها عبدا فمات العبد، فيها قولان أحدهما لها أجرة مثل تعليم ذلك وقيمة العبد، وهو الذي يقتضيه مذهبنا، والآخر يفسد المسمى لأنه تعذر أداؤه ووجب مهر المثل.
فإن أصدقها تعليم سورة بعينها فالكلام فيما تصير به قابضة لذلك مستوفية نظرت فإن لقنها دون آية فنسيت فما استوفت شيئا لأن الذي كان منه مذاكرة فلا يعتد بذلك وإن لقنها السورة كلها كان استيفاء وقبضا لأن النسيان من تفريطها.
وإذا لقنها آية فهل تكون قابضة للآية؟ قيل فيه وجهان أحدهما تكون قابضة وهو الأقوى، والثاني لا تكون قابضة لأقل من ثلاث آيات، لأن أقل ما يقع به الإعجاز ثلاث آيات مثل سورة قصيرة، فكأنها - إن لقنها بعض آية لم يكن قبضها