قول الشافعي والثاني قول أبي حنيفة.
وإن لم يكن بينهما مسافة نظرت، فإن نقلها إلى قرية مثلها أهلية في الكبر وكثرة الناس فيها وكثرة الحصون فإنه لا يضمنها، لأن صاحبها رضي أن يكون في تلك القرية وفي مثل تلك القرية وهذه مثلها، فكأنها حرز له، وإن كانت القرية التي نقلت إليها دون القرية التي كانت فيها ضمنها، لأن صاحبها ما رضي بأن تكون في مثل ذلك، ولا اختار أن تكون تلك القرية حرزا له.
إذا أودع وديعة ففيه ثلاث مسائل إحداها إذا أطلق ولم يقل احفظها في هذا الموضع، فإن ها هنا يلزمه أن يحفظها في حرز مثلها مثل أن يكون دراهم أو دنانير فإنه يحفظها على وسطه وفي كمه وفي بيته وفي صندوقه وفي خزانته، فإن هلك وكان في حرز مثله أو دونه بعد أن يكون حرز مثله فلا ضمان عليه.
والمسألة الثانية إذا قال أودعتك على أن تحفظها في هذا الموضع، فإنه يلزمه حفظها في ذلك الموضع، فإن نقلها إلى موضع آخر نظرت، فإن نقلها إلى مثل ذلك الموضع، وما في معناه في الحرز والحفظ، فإنه لا يضمن، لأن صاحبها رضي بأن يكون في ذلك الموضع، وما في معناه في الحرز والحفظ.
وهذا كما لو استأجر أرضا ليزرعها طعاما فله أن يزرع فيها ما يكون ضرره مثل ضرر الطعام، أو دون ضرره.
وإن كان الموضع الذي نقل إليه دون ذلك المكان، فإنه يضمن لأن صاحبها ما رضي بأن يكون في دون ذلك الموضع الذي نص عليه.
المسألة الثالثة إذا أودعها وقال على أن لا تخرجها من هذا الموضع فنقلها إلى موضع آخر فلا يخلو إما أن يكون لعذر أو لغير عذر، فإن كان لعذر مثل الحريق والنهب فلا ضمان عليه، لأنه موضع الضرورة، فإن لم ينقلها وتركها حتى تلفت هل يضمن أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما يضمن لأنه يلزمه حفظها وكان الحفظ في نقلها وهو الأقوى، والثاني لا يضمن لأنه مأذون فيه في تركها لأنه أخذ عليه أن لا يخرجها وبإذن صاحبها هلكت.