إذا تزوج امرأة فضمن لها أبوه نفقته عليها سنين، قال قوم يجوز، وقال آخرون لا يجوز، والذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يجوز، لأن النفقة لا تجب عندنا بالعقد، و إنما تجب نفقة يوم بيوم بدلالة أنها لا تملك المطالبة بها، ولأنها لا تملك الإبراء منها، ولو وجبت بالعقد لصح ذلك.
فإذا تقرر القولان، فمن قال لا يجب قال لا يصح الضمان، لأنه ضمان ما لم يجب ومن قال يجب بالعقد صح ضمانه، بثلاث شرائط: أن يضمن نفقة المعسر دون الموسر والمتوسط، لأن ذلك يتغير يزيد وينقص، الثاني يكون لمدة معلومة، الثالث يكون ما ضمنه معلوما.
قال الله تعالى " فإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " (1) يعني عاد إلى الزوج نصف ما فرض، لأنه جعل النصف مستحقا بالطلاق، ولا يجوز أن يكون الذي يستحق النصف بالطلاق إلا الزوج، لأن الزوجة قد كانت ملكته كله بالعقد، ثم قال " إلا أن يعفون " والمراد به النساء خاصة بلا خلاف فكأنه قال للزوج النصف مما فرض لها إذا طلقها قبل الدخول بها، إلا أن يعفون عن النصف الباقي، فيكون الكل له، ثم قال " أو يعفو الذي بيده عقده النكاح " وعندنا هو الولي الذي هو الأب أو الجد، يعفو عن نصف الزوجة إلا أن أصحابنا رووا أن له أن يعفو عن بعضه وليس له أن يعفو عن جميعه، وقال قوم هو الزوج وفيه خلاف.
أما أبو البكر الصغيرة إذا طلقها زوجها قبل الدخول، فاستقر لها نصف المهر هل للأب أو الجد أن يعفو عما لها من الصداق؟ على ما مضى.
وأما أبو الزوج إذا كان الزوج محجورا عليه فالمحجور عليه على ضربين لصغر وغيره، فإذ كان صغيرا فهو محجور عليه عاقلا كان أو مجنونا، والمحجور عليه لغيره فهو كالبالغ، وهو على ضربين محجور عليه لسفه أو جنون، فإن كان محجورا عليه لصغر، فإن لوليه أن يزوجها أربعا فما دون لحاجة وغير حاجة، والمحجور عليه