(فصل) * (في ذكر العصبة) * القول بالعصبة باطل، ولا نعرف في موضع من مواضع الميراث بالتعصيب، وقال جميع الفقهاء إن الميراث بالتعصيب صحيح، وقال قوم العصبة ما يحوز المال ويجمع ويحيط بالمال، ولهذا سميت العصابة عصابة لأنها تحيط بالرأس، فإذا ثبت هذا فالعصبة ترث المال عندهم والعصبات يتفرع من نفسين من ابن وأب أما الابن فإن ابن ابن ابن يكون منه والأب فالأخ يدلي بالأب، ابن الأخ والعم يدلي بالأب، وابن العم والجد كلهم يدلون بالأب.
فأول العصبات من هؤلاء عصبة الولد لقوله تعالى " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " ومن شأن العرب أن يفتتح ويبتدء بالأهم فالأهم ولأن الابن أقوى عصبة من الأب لأن الله تعالى جعل للأب السدس مع الولد فجعل ميراثه مع الولد السدس بالرحم كالأم لأن الابن عصبة وأسقط عصبته فثبت بذلك أن الابن أقوى.
فإذا ثبت أنه أولى بالتعصيب من الأب، فإن كان واحدا فله المال كله. وإن كانا اثنين فالمال بينهما بالسوية، وإن كانوا ذكورا وإناثا بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وابن الابن وإن نزل يقوم مقام الابن مع الأب بلا خلاف وإن لم يكن ولد ولد أصلا فالمال للأب بلا خلاف فإن لم يكن أب فالجد، لأنه يدلي بالأب، فإن لم يكن جد فجد الجد، وإن علا، فإن اجتمع جد وأخ تقاسما عندنا وفيه خلاف وجد الأب يسقط مع الأخ، وفيهم من قال لا يسقط وهو الأقوى وإن لم يكن جد وكان عم وأخ سقط العم مع الأخ بلا خلاف، لأنه ولد الأب والعم ولد الجد، وإن اجتمع الأب مع الجد كان الأب أولى. والأخ من الأب والأم أولى من الأخ من الأب لأنه يتقرب بسببين، فإن لم يكن أخ من أب