باختياره ولم يسلطه على هلاكه وإتلافه:
أما ما دفع إليه باختياره وسلطه على هلاكه مثل البيع والقرض والهبة إذا وهبه وأقبضه فإن ها هنا لا يضمن لأنه باختياره هلك لأن بيع الصبي وهبته كلا بيع، فإذا باعه من صبي وعلم أن بيعه كلا بيع فقد رضي بهلاكه وإتلافه، كما لو دفع إلى بالغ شيئا فقال أتلفه فأتلفه، لم يكن عليه الضمان، لأنه باختياره أتلفه كذلك الصبي.
الثاني إذا جنى هذا الصبي على مال رجل فإن الضمان يتعلق بذمته في ماله لأن في باب إتلاف الأموال الصبي والبالغ سواء، وإن كانت الجناية على بدن فعلى ما مضى إن كان خطأ أو عمدا على عاقلته، لأن عمد الصبي وخطأه سواء، وفي الناس من قال إن عمده عمد يجب عليه الدية في ماله.
هذا إذا لم يدفع إليه باختياره ولم يسلط عليه وأما الضرب الثالث إذا دفع إليه باختياره ولم يسلطه على الاتلاف، فهو إذا كان قد أودع وديعة عند صبي وتلفت في يده، فهل يلزمه الضمان قيل فيه وجهان أحدهما لا يلزمه الضمان وهو الأقوى لأن باختياره سلطه على إتلافها وهلاكها، فأشبه البيع كما لو باع، والثاني أنه يضمن لأنه ما اختار التسليط، وهذه المسألة لها نظائر في البيع والجناية.
صبي أودع وديعة عند رجل يلزمه الضمان لأن دفع الصبي لا حكم له، فلما لم يكن له حكم فقد أخذها ممن ليس له الأخذ منه، فإن أراد ردها إلى الصبي لم يزل الضمان: لأن بالأخذ لزمه الضمان فلا يسقط بهذا الرد، لأن هذا رد على من ليس له أن يردها عليه، إلا أن يردها على ولي الصبي فإنه يزول بهذا الرد الضمان.
فأما إن أودع عبدا فالكلام في العبد قريب من الكلام في الصبي كذلك إتلاف العبد على ثلاثة أضرب أحدها ما يكون قد اختار أن يسلطه على هلاكه والثاني ما اختار أن يسلطه على هلاكه وإتلافه، والثالث إذا اختار الدفع إليه ولم يختر التسليط على الهلاك:
فإن كان اختار التسليط على هلاكه مثل أن يكون قد باعه من عبد أو أقرضه أو وهبه منه وأقبضه، فتلف في يده، فإن هناك لا يتعلق الضمان برقبته، وإنما يتعلق