وعلى هذا متى كان أخوان معتقان، فماتا وورث كل واحد منهما صاحبه ولأحدهما مال والآخر لا مال له، فإنه ينتقل تركة الذي له مال إلى مولى الذي لا مال له، لما قلناه، ولا ترجيح في هذه المسألة لتقديم أحدهما على صاحبه، لأن ميراث كل واحد منهما من صاحبه على حد الآخر، وإن كان ليس لأحدهما وارث غير صاحبه فميراثهما للإمام، لأن ما ينتقل إلى كل واحد منهما من صاحبه لا وارث له فيصير للإمام على ما قدمناه.
فإن كان أحدهما له وارث من ذي رحم أو مولى نعمة أو مولى ضامن جريرة أو زوج أو زوجة فإن ميراث الذي له وارث لمن ليس له وارث، وينتقل منه إلى الإمام ومال من ليس له وارث لمن له وارث فينتقل منه إلى ورثته، وعلى هذا المثال تجري مسائل هذا الباب.
وإن كان أحدهما يرث صاحبه والآخر لا يرثه، فإنه لا يورث بعضهم من بعض ويكون ميراث كل واحد منهما لورثته، مثل أن يغرق أخوان ولأحدهما أولاد والآخر لا ولد له، فإنه لا توارث بينهما، لأن مع وجود الولد لا يرث الأخ فعلى هذا يسقط هذا الاعتبار، وينتقل تركة كل واحد منهما إلى ورثته الأحياء، ومتى ماتا حتف أنفهما لم يورث بعضهما من بعض، بل يكون ميراثهما لورثتهما الأحياء لأن ذلك إنما يجوز في الموضع الذي يشتبه الحال فيه، فيجوز تقديم موت أحدهما على صاحبه.