فقال له قد أبرأتك عما أستحقه عليك من حق الشفعة، فهل يسقط حقه أم لا؟ على ما مضى: قال قوم أنه لا يسقط وهو الأقوى، وقال بعضهم يسقط.
وأصل هذه المسألة إذا باع رجل عبدا يعتقده لوالده فبان أنه له، وأن والده كان قد مات حين البيع، فالبيع باطل، لأنه اعتقده باطلا، وفيهم من قال يصح لأنه صادف ملكه.
فإن طلق امرأة بعينها وقد نسي أن له زوجة أو أعتق عبدا بعينه وقد نسي أن له عبدا فبان العبد له، والمرأة زوجته، هل تقع الطلاق والعتق؟ يخرج على الوجهين وعندنا أنه لا يقع طلاق ولا عتق.
إذا تزوج امرأة فأصدقها صداقا فقالت لا أسلم نفسي حتى أقبض صداقي فالكلام في فصلين: أحدهما في التقديم والثاني في استحقاق التسليم.
فأما الكلام في التقديم، وأيهما يقدم؟ فله موضع آخر نذكره، والكلام في استحقاق التسليم ها هنا، جملته أن النكاح يصح بصداق عاجل وآجل، وأن يكون بعضه عاجلا وبعضه آجلا فإذا ثبت أن الكل صحيح، نظرت: فإن عقد على الإطلاق اقتضى إطلاقه أن يكون المهر كله حالا، وإن شرط فيه التعجيل كان معجلا بإطلاقه لا بالشرط، والشرط أفاد التأكيد.
فإذا ثبت أنه يكون معجلا في هذين الموضعين فلها أن تمنع نفسها منه حتى يقبضها الصداق، فإن سلم المهر سلمت نفسها، فإن امتنع فاختارت تسليم نفسها إليه قبل قبض المهر، فهل لها أن يمتنع أم لا؟ نظرت: فإن لم يكن دخل بها كان لها الامتناع عليه، لأن التسليم هو القبض والقبض في النكاح الوطئ، فإذا لم يطأها فما قبض، وكان لها الامتناع بلا خلاف فيه، وأما إن كان دخل بها فليس لها أن يمتنع بعد ذلك وكان لها المطالبة بالمهر فقط، وقال قوم لها أن تمتنع حتى تقبض المهر، وهو الذي يقوى في نفسي.
فأما إن كان كله إلى أجل فإنما يصح إلى أجل معلوم، فإذا كان المهر آجلا فليس لها الامتناع عنه، بل عليها تسليم نفسها إليه، لأنها رضيت بتأجيل المهر، فقد