(فصل) * (في ذكر الأوصياء) * لا تصح الوصية إلا إلى من جمع صفات خمسة: البلوغ، والعقل، والإسلام، والعدالة، والحرية، ومتى اختل شئ منها بطلت الوصية.
وإنما راعينا البلوغ لأن الصبي لا يجوز أن يكون وصيا لقوله عليه السلام: رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم، وفي بعضها حتى يبلغ، وإذا كان كذلك لم يكن لكلامه حكم، ومن كان كذلك لا يجوز أن يكون وصيا ولأنه مولى عليه في نفسه، فلا يجوز أن يكون وليا لغيره.
وراعينا العقل لأن من ليس بعاقل ليس بمكلف ومن لا يكون مكلفا لا يجوز أن يكون وصيا ولقوله عليه الصلاة والسلام: رفع القلم عن المجنون حتى يفيق.
والإسلام لا بد منه، لأن الكافر فاسق، والمسلم لا يجوز أن يوصي إلى كافر ولا فاسق لأنهما ليسا من أهل أمانة والوصية أمانة.
فأما إن أوصى كافر إلى مسلم صحت وصيته ووصية الكافر إلى الكافر، والذمي إلى الذمي، فإن كان غير رشيد في دينه فلا يصح أن يكون وصيا وإن كان رشيدا فهل يجب أن يكون أمينا أو لا؟ قيل فيه وجهان أحدهما يصح، والآخر لا يصح لأنه فاسق، والفاسق لا يولى الولاية.
ويجب أن يكون عدلا لأن الوصية أمانة ولا يؤتمن إلا العدل.
والحرية شرط، لأن المملوك لا يملك من نفسه التصرف، وفيه خلاف، وحكم المدبر وأم الولد والمكاتب والذي نصفه حر حكم العبد سواء.
إذا ثبت أن هذه الخمسة أوصاف شرط في صحة الوصية، فمتى تعتبر هذه الأوصاف؟ قيل فيه ثلاثة أوجه:
أحدها حين وفاة الموصي، لأن نظره وتصرفه تثبت بعد الوفاة، فعلى هذا تصح