المسألة الثالثة إذا أودعه دابة أو عبدا وقال لا تطعمه ولا تسقه، فإن الحكم في هذه المسألة كالمسئلة التي قبلها إذا أطلق حرفا بحرف، إلا في شئ واحد وهو إذا منع الطعام والشراب عنه فماتت، فإن مات في مدة يموت الحيوان لمثل ذلك إذا منع الطعام فهل يضمن قيمة العبد أم لا؟ قيل فيه وجهان وفي الفصل الأول وجه واحد أنه يضمن وهيهنا وجهان:
أحدهما يضمن قيمة العبد لأنه مات من منع الطعام، وهو متعد في هذا الموضع لحق الله، وقال غيره لا يضمن قيمة العبد لأن الضمان كان لمالكه، فإذا أمر بأن لا يسقيه ولا يطعمه فقد رضي بإسقاط حقه وإسقاط الضمان عنه، وهذا هو الأقوى.
وهذا كما لو كان له عبد فأمر بقتله فقتله فإنه وإن كان ليس له قتله فإذا قتله لم يكن عليه ضمان قيمة العبد بل عليه الكفارة:
والمودع إذا حضرته الوفاة فإنه يلزم أن يشهد على نفسه بأن عنده وديعة لفلان، ويشهد حتى لا يختلط بماله ويأخذه ورثته، ولا يقبل قول المودع إلا بالبينة فإذا لم يكن معه بينة، فالظاهر أن هذا مال الميت فيؤدي إلى هلاك ماله، والحكم في هذه المسألة إذا حضرته الوفاة وإذا كان عنده وديعة وسافر، فإن الحكم فيه واحد لأن المسافر يعود ويغيب، فكذلك الميت يغيب.
إذا ثبت هذا جميع أحكامه يعتبر بالمسافر مثل ما قلنا فيما قبل، فإن ردها على صاحبها أو على وكيله فلا يضمن، وإن لم يتمكن من صاحبها وكان وكيله فرد على الحاكم أو على ثقة فلا يضمن، وإن ردها على الحاكم مع القدرة على صاحبها أو على وكيله فيضمن، وإن لم يتمكن من الحاكم ولا من صاحبها فردها على ثقة فلا ضمان، وإن ردها على ثقة مع القدرة على الحاكم فهل يضمن أم لا على وجهين.
إذا أودعها في قرية فنقلها إلى قرية أخرى، فلا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون نقلها لعذر أو لغير عذر، فإن كان نقلها لعذر مثل النهب الحريق فلا يضمنها لأن ها هنا موضع الضرورة، وإن نقلها لغير عذر نظرت فإن كان بين القريتين مسافة ليس بينهما بنيان، فإنه يضمن، وفيهم من قال لا يضمن إذا كان الطريق أمنا، والأول