فلهذا لم تجبر على تسليم نفسها، ويفارق البيع لأنه يمكن إجباره على تسليم السلعة والحجر عليه فيها بعد أن يقبضها، والنكاح لا يمكن ذلك فيه.
إذا امتنعت الكبيرة من تسليم نفسها وقالت لا أمكنه حتى يدفع الصداق فهل لها النفقة قبل دفع الصداق أم لا؟ يبنى على القولين، فإذا قيل لا يجبر أحدهما على تسليم ما عليه، وأيهما تبرع أجبر الآخر عليه، فلا نفقة لها ههنا، لأنها تمنع نفسها بغير حق، فإن الزوج لا يجب - على هذا القول - عليه تسليم الصداق فإذا قالت لا أسلم حتى يدفع إلى ما لا يجب عليه فهي ناشزة فلا نفقة لها.
وإذا قلنا يجبر الزوج على تسليم الصداق إلى عدل فإذا سلمت نفسها إلى زوجها قبضته من العدل فعلى هذا إذا قالت لا أسلم نفسي حتى يسلم الصداق فإذا امتنع من ذلك فلها النفقة عليه لأنها بذلت نفسها ومكنته إن دفع الواجب لها، فإذا لم يفعل كان الامتناع من التسليم والقبض منه، فعليه نفقتها.
إذا كانت المرأة نضوا وهي النحيفة القليلة اللحم فطالب بها زوجها لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون النضو خلقة وجبلة أو لعارض وعلة، فإن كان ذلك خلقة فمتى سلم إليها مهرها لزم تسليم نفسها إليه، لأن العادة لم تجر أن لنضو الخلق منع نفسها عن زوجها.
فإذا تسلمها كان له أن يستمتع بها فيما دون الفرج، وبكل ما يستمتع الرجل بالقوية السمينة إلا الجماع في الفرج، فإنه ينظر فيه فإن كانت ممن لا ضرر عليها في جماعه فعليها تمكينه، لأنه لا ضرر عليها في جماعه، وإن كانت على صفة يخاف عليها من الجماع الجناية عليها أو مشقة شديدة منع منها، وقيل له أنت بالخيار بين أن تمسكها ولك الاستمتاع بها إلا الجماع في الفرج وبين أن تطلقها وعليك نصف المهر.
فأما إن كان نضو الخلق لعلة وعارض، وصارت على صفة لا يطاق جماعها كان لها منع نفسها منه حتى تبرء، لأن هذه يرجى زوالها، ولهذا أمهل حتى تزول فإذا ثبت أن ليس عليها تسليم نفسها فما دامت على الامتناع فلا نفقة لها حتى تبرأ و يندمل وتسلم نفسها، فإن سلمت نفسها إليه لزمه نفقتها.