فدل ذلك على أن هبة القسم جايزة متى رضي الزوج.
فإذا ثبت أن الهبة جائزة فإنها يفتقر إلى إذن الزوج، لأن القسم حق لها و له، وهي لا تملك اسقاط ما عليها من الحق فإذا وهبت ليلتها فلا يخلو من ثلاثة أحوال إما أن تهبها للزوج أو لضرائر الزوج أو لواحدة منهن:
فإذا وهبت للضرائر فتكون الليلة منصرفة إليهن مثل أن يكون له أربع زوجات فوهبت ليلتها لهن كان عليه أن يبيت عند كل واحدة ليلة ثم يرجع إلى الأولى بعد يومين، بعد أن كان يرجع إليها بعد ثلاثة أيام.
وإن وهبت للزوج فله أن يقبل لأن النبي صلى الله عليه وآله قبل هبة سؤدة، فإذا قبلها فله أن يصرفها إلى من شاء منهن لأنه حق له، وإن صرف إلى واحدة منهن فليس لها الامتناع من قبولها، لأنه زيادة في حقها.
وإن كان له أربع زوجات فحللته ثلاثة نسوة منهن لأن يبيت عند واحدة و رضي الزوج بذلك، فإن عليه أن يتوفر عليها لأنه بمنزلة من له زوجة واحدة، و إن وهبت لواحدة منهن ورضي الزوج جاز لأن سودة وهبت لعائشة.
فإذا ثبت أن الهبة جايزة فإن رجعت في الهبة ففيه ثلاث مسائل إحداها أن رجوعها في الماضي لا يصح لأنه كالهبة المقبوضة، ولا يصح الرجوع فيها وأما رجوعها في المستقبل فجائز لأنها بمنزلة الهبة التي لم تقبض وإن رجعت ولم يعلم الزوج برجوعها حتى بات عند نسائه ليالي، فإنه لا يجب عليه قضاؤها.
فإن وهبت ليلتها في أول الليل ورجعت في نصف الليل صح رجوعها في النصف الأخير ومتى أرادت أن تأخذ العوض على ليلتها بأن تبيعها من زوجها أو من ضرة من ضرائرها لم يجز لها ذلك، لأن العوض في مقابلة عين أو منفعة، وليس هذا عين ولا منفعة، بل هو مأوى وسكن.
إذا كان للرجل زوجات فلا يجب عليه القسم ابتداء لكن الذي يجب عليه النفقة والكسوة والمهر والسكنى، فمتى تكفل بهذه فلا يلزمه القسم، لأنه حق له، فإذا أسقطه لا يجبر عليه، ويجوز له تركه، وأن يبيت في المساجد وعند أصدقائه