إذا ثبت هذا فإذا قبل الوصية كان له ردها متى شاء قبل وفاة الموصي، وليس له ردها بعد وفاته، وفي الناس من قال له ردها في الحالين.
إذا أوصى لرجل بأبيه، فالمستحب له أن يقبل تلك الوصية لأنه يؤدي إلى إعتاق أبيه وإن ردها فلم يقبلها لم يجبر على قبولها.
فإذا ثبت ذلك، فإن رد الوصية فلا كلام، وإن قبلها فلا يخلو أن يقبلها في حال صحته أو مرضه، فإن قبلها في حال صحته ملكه وعتق عليه ولا كلام، وإن قبل في حال مرضه نظرت فإن برأ من ذلك المرض عتق من أصل ماله أيضا ولا تفريع، وإن مات من ذلك المرض، فهل يعتق عليه من أصل ماله أو من ثلثه؟ قال قوم يعتق من الثلث وقال آخرون من رأس المال، لأنه إنما يعتبر من الثلث ما يخرجه من ملكه، وهيهنا لم يخرج من ملكه شيئا وإنما قبل وصيته.
وهذا أقوى إذا قلنا أن عتق المريض من ثلثه، وإن قلنا من أصل المال فلا كلام وإذا اعتبرناه من رأس المال انعتق وورثه لأنه حين وفاته حر وعلى قول من اعتبره من الثلث إن لم يكن له مال سواه لم ينعتق منه إلا قدر الثلث، والباقي لورثته، وإن كان ثلثه يحتمل كله عتق عليه، إلا أنه لا يرثه لأن عتقه كالوصية له، عند من قال به فلهذا اعتبره من الثلث، ولو قلنا إنه يرثه لم يصح له الوصية لأن الوصية لا تصح لوارث عندهم، فكان يؤدي إلى أن لا ينعتق، وإذا لم ينعتق لم يرث أيضا، وكل ماجر ثبوته إلى سقوطه عنه، لم يثبت حتى لا يؤدي إلى اسقاط غيره.
إذا كان معه ثلاثمائة دينار، فتصدق بمائة دينار في مرضه المخوف، ثم اشترى أباه بمائة دينار، هل يصح ابتياعه أم لا؟ قيل فيه وجهان بناء على الأصلين من أن عتقه يعتبر من الثلث أو من أصل المال؟ أحدهما لا يصح، لأنه يقصد به الإضرار بورثته، لأنه ربما يكون وارثه ابنه، ومتى ملك جده عتق عليه، فوجب أن لا يصح شراؤه والوجه الثاني أنه يصح لأنه ابتياع بعوض فهو كابتياع غير الأب.
فإذا ثبت هذا فمن قال ابتياعه لا يصح فلا كلام، ومن قال يصح فإنه لا يعتق على الوجهين معا عليه، لأنه على قول من اعتبر من الثلث فههنا تصرف في ثلثه، وعلى