(كتاب الوصايا) الوصية مشتقة من وصى يصي وهو من الوصل، قال الشاعر (1):
نصي الليل بالأيام حتى صلاتنا * مقاسمة يشتق أنصافها السفر ومعناه أنه يصل تصرفه بما يكون بعد الموت ما قبل الموت، يقال منه أوصى يوصي إيصاء، ووصى يوصي توصية، والاسم الوصية والوصاة ويقال استوصى فلان أي إنه يتصرف بغير إذنه.
إذا ثبت هذا فالأصل فيها الكتاب والسنة، قال الله تعالى: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " (2) فذكر الوصية في أربعة مواضع أحدها قوله:
" فلأمه السدس من بعد وصية " والثاني في فرض الزوج والزوجة " فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين " والثالث قال " فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين " والرابع " فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصين بها أو دين " فرتب الميراث على الوصية والدين، فثبت بذلك أن الوصية لها حكم.
وروي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال ما حق امرئ مسلم له شئ يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.
روى الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه أنه مرض بمكة مرضا أشفى منها فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله ليس يرثني إلا البنت أفأوصي بثلثي مالي؟ فقال لا فقال أفاوصي بنصف مالي وفي بعضها بشطر مالي؟ فقال لا، فقال أفاوصي بثلث مالي فقال بالثلث والثلث كثير، فقال صلى الله عليه وآله إنك إن تدع أولادك أغنياء خير لهم من إنك تدعهم عالة يتكففون الناس (3).