والمستحب فيه التخفيف بلا خلاف، لما روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله قال:
أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة، وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله قال: خيرهن أيسرهن صداقا.
والمستحب عندنا ألا يتجاوز السنة المحمدية خمس مائة درهم، وبه قال جماعة وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه ما أصدق امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية ونش.
ويجوز أن يكون منافع الحر مهرا مثل أن يخدمها شهرا أو على خياطة ثوب أو على أن يخيط لها شهرا، وكذلك البناء وغيره وكذلك تعليم القرآن والشعر المباح كل هذا يجوز أن يكون صداقا وفيه خلاف.
غير أن أصحابنا رووا أن الإجارة مدة لا يجوز أن يكون صداقا لأنه كان يختص موسى عليه السلام.
فإذا ثبت أن منفعة الحر وتعليم القرآن يجوز أن يكون صداقا فالكلام في التفريع عليه: وجملته أنه إذا أصدقها تعليم القرآن فلا يجوز حتى يكون القرآن معلوما: إن أصدقها تعليم سورة عين عليها، وإن كان تعليم آيات عينها، لأن ذلك يختلف، وهل يجب تعيين القراءة وهي الحرف الذي يعلمها إياه على وجهين، أحدهما لا يجب، وهو الأقوى، لأن النبي صلى الله عليه وآله لم يعين على الرجل والوجه الآخر لا بد من تعيين الحروف لأن بعضها أصعب من بعض.
فمن قال إن شرط فإن ذكره، وإلا كان فاسدا ولها مهر مثلها، ومن قال ليس بشرط لقنها أي حرف شاء وإن شاء بالجائز وهو الصحيح عندنا، لأن التعيين يحتاج إلى دليل.
فإذا ثبت أنه يصح كان لها المطالبة بأي موضع شاءت، فإن أصدقها تعليم سورة بعينها وهو لا يحفظها، بأن قال على أن أحصل ذلك لك، صح لأنه أوجبها على نفسه في ذمته.
وإن قال: على أن ألقنك أنا إياها، قيل فيه وجهان: أحدهما يصح لأن الحق وجب في ذمته فلا يلزم أن يكون مالكا له، والثاني لا يصح لأنه لا يصح أن