(كتاب الوديعة) الوديعة مشتقة من ودع يدع إذا استقر وسكن، يقال أودعته أودعه أي أقررته وأسكنته ويقال إنه مشتق من ودع يقال ودع الشئ يودعه إذا كان في خفض وسكون وأحدهما قريب من الآخر.
وللوديعة حكم في الشريعة لقوله تعالى " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " (1) وقال تعالى " فليؤد الذي ائتمن أمانته " (2) وقال " ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك " (3).
وروى أنس بن مالك وأبي بن كعب وأبو هريرة كل واحد على الانفراد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله كانت عنده ودايع بمكة فلما أراد أن يهاجر أودعها أم أيمن وأمر عليا بردها على أصحابها.
فإذا ثبت هذا فالوديعة أمانة لا ضمان على المودع ما لم يفرط، وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله قال ليس على المستودع ضمان.
وإذا ثبت ذلك فالوديعة جائزة من الطرفين، من جهة المودع متى شاء أن يستردها فعل، ومن جهة المودع متى شاء أن يردها فعل، بدلالة ما تقدمت من الأخبار والآي، وروى سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: على اليد ما أخذت حتى تؤدي.
إذا أراد المقيم أن يرد الوديعة ردها، فإن ردها على المودع أو على وكيله فلا شئ عليه، وإن ردها على الحاكم أو على ثقة مع القدرة على الدفع إلى المودع أو