(كتاب الخلع) سمى الله تعالى الخلع في كتابه افتداء فقال " فلا جناح عليهما فيما افتدت به " (1) و الفدية العوض الذي تبذله المرأة لزوجها تفتدي نفسها منه به، ومنه فداك أبي وأمي أي هما فداك، ومنه يقال فدي الأسير إذا افتدى من المال، فإن فودي رجل برجل قيل مفاداة.
هذا هو الخلع في الشرع، وأما اللغة فهو الخلع، واشتقاقه من خلع يخلع يقال خلع الرجل زوجته واختلعت المرأة نفسها من زوجها وإنما استعمل هذا في الزوجين، لأن كل واحد منهما لباس لصاحبه قال الله تعالى " هن لباس لكن وأنتم لباس لهن " (2) فلما كان كل واحد منهما لباسا لصاحبه استعمل في ذلك الخلع من كل واحد منهما لصاحبه، وهكذا الشعار اللباس ومنه يقول الرجل لزوجته شاعريني أي باشريني.
والأصل في الخلع الكتاب والسنة فالكتاب قوله تعالى " ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا - إلى قوله - فيما افتدت به " فرفع الجناح في أخذ الفدية منها عند خوف التقصير في إقامة الحدود المحدودة في حقوق الزوجية، فدل على جواز الفدية.
وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن حبيبة بنت سهل أخبرتها أنها كانت عند ثابت بن قيس بن شماس، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج إلى صلاة الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من هذه؟ فقالت أنا حبيبة بنت سهل، يا رسول الله لا أنا ولا ثابت، لزوجها. فلما جاء ثابت قال له رسول - الله صلى الله عليه وآله: هذه حبيبة قد ذكرت ما شاء الله أن يذكر، فقالت حبيبة يا رسول الله كل ما أعطاني عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: خذ منها فأخذ منها وجلست في أهلها.