الخامسة علم عين السابق منهما ولم ينس فالأول أصح، والثاني باطل، دخل بها الثاني أو لم يدخل بها، وفيه خلاف، فقد روى أصحابنا أنه إن كان دخل بها الثاني كان العقد له، والأول أحوط، وإن لم يدخل بها واحد منهما سلمت إلى الأول بلا خلاف، وإن دخل بها الأول دون الثاني فكذلك، ولا حق للثاني، ولا عليه، وإن دخل بها الثاني دون الأول فعلى الثاني مهر مثلها، فإن أتت بولد لحقه وتعتد منه، فإذا خرجت منها حلت للأول.
وإن دخل بها كل واحد منهما استقر المسمى على الأول ومهر المثل على الثاني، فإن أتت بولد يمكن أن يكون من كل واحد منهما أقرعنا بينهما، وتعتد من الثاني فإذا انقضت عدتها فقد حلت للأول.
إذا ولت أمرها وليين متساويين فزوجاها معا وادعى كل واحد منهما عليها أن نكاحه هو السابق، وأنها تعلم ذلك، صحت هذه الدعوى فإما إن تنكر أو تقر.
فإن أنكرت فالقول قولها مع يمينها: أنها لا تعلم السابق منهما، لأن الأصل عدم علمها، فإن حلفت أسقطت دعواهما وبطل النكاحان معا، وإن نكلت ردت اليمين عليهما فإن لم يحلفا أو حلف كل واحد منهما بطل النكاحان معا، وإن حلف أحدهما دون صاحبه قضينا بها للحالف لأنه أقام الحجة بأنه هو السابق دون صاحبه.
فإن اعترفت بأن كل واحد منهما هو السابق، فهذا كلا اعتراف وقضينا ببطلان النكاحين، وإن اعترفت لأحدهما صح اعترافها، وحكمنا بها زوجة له، وهل تحلف للآخر؟ قيل فيه وجهان أحدهما لا تحلف لأنه لا فايدة في يمينها، لأنها لو اعترفت للثاني لم يقبل قولها على الأول، والقول الثاني تحلف لجواز أن تعترف للثاني لأنها وإن لم يقبل قولها على الأول في بطلان النكاح، لزمها مهر مثلها للثاني، لأنها حالت بينه وبينها، وهذا القول أقوى.
وكذلك إذا تداعاها رجلان فأقرت لأحدهما قضينا له فإن أقرت للثاني بعد ذلك فهل له عليها مهر مثلها أم لا؟ قيل فيه قولان: فمن قال لا تحلف للثاني فلا تفريع، ومن قال تحلف لم يخل حالها من ثلاثة أحوال إما أن تحلف أو تعترف أو تنكل.