رسالته المتقدم إليها الإشارة: اما والدي المرحوم المبرور السيد خلف بن عبد المطلب فكان من شانه انه بعد ما تعدى عليه اخوه وسلبه نور البصر عوضه الله منه بنور البصيرة وكان يصرف عمره في طاعة الله وعبادته وقسم فعله على قسمين قسم بالتصنيف والتأليف فصنف كتبا كثيرة ورسائل فمنها الستة التي صنفها قبل وقوع هذه المصيبة عليه ولم أدرك زمان تأليفها وذكرها ومنها السبعة التوالي وهي مما وقفت عليها وكنت أخدمه بتسويد أكثرها أيام التأليف وذكرها واما القسم الثاني من أفعاله فقد كان ماهرا في معرفة تعمير الأرض واحياء الموات منها وقد عمر عدة قرى في الأرض التي توطنها بعد خروجه من بلاد الدورق عقيب مصيبته ففارق أباه ونزل أولا بلاد زيدان على الشط العربي المعروف بالهندجان فعمر بها ثلاث قرى وذلك أنه يسأل العارفين بالتعمير عن الماء والأرض وعن علوه وانخفاضه فيحكم من طريق المعرفة والسير القاطع بركوب الماء من الموضع الذي يستخرجه منه على الأرض المرادة من غير وزن الأرض بميزان فيأمرهم بقدر ما تحتاجه الأرض من الحفر فيحفرون فيركب الماء تلك الأرض على ما قرر ثم بعد ذلك انتقل إلى الشط الشمالي من تلك الأرض وهو الشط المعروف بالحراحي الذي ينزل إلى بلاد الدورق واحدث منه تسعة أنهر من الجانبين وصارت قرى عامرة بيمن توجهه وسعيه وكل ذلك بمعرفته وتعليم المعامرة ودلالتهم على ما لم يعرفوه فصارت قرى معمورة.
تقسيمه القرى بين أولاده وقد أعطاه الله من أولاده ذرية طيبة مباركة فأعطى كل ولد قرية من تلك القرى فكأنه قصد بتعميرها عددهم وقد ملكها لأولاده في حياته لئلا يقع النزاع بينهم بعد وفاته وذلك من الرأي الصائب والحكمة التي لم يوفق لها غيره اه.
خلف آباد ومن جملة البلاد التي عمرها بلدة تسمى خلف آباد اي عمارة خلف لا تزال باقية إلى اليوم وفي الرياض هي قصبة كبيرة معمورة بتلك البلاد اه. ومر انه طلب من امام قلى خان ان يستأذن الشاه في عمارتها فاذن له.
ما كان يفعله في محاصيله قال ولده السيد علي خان في رسالته المتقدم إليها الإشارة: كان مدة حياته يصرف محاصيله من قراه التي أحدثها كما مر بهذه الطريقة فبعضها يصرفه في الزكاة ويكتب عليه في الدفتر ز وبعضها في الصدقة المستحبة فيكتب عليه في الدفتر ق اي القربة وبعضها للرحم فيكتب عليه ص اي صلة الرحم وبعضها للوفود والشعراء ومخالفي المذهب فيكتب عليه س اي ستر العرض وكانت هذه مصارفة وكان يؤثر على نفسه ولا يرغب في جمع المال فإذا رأى شيئا فاضلا على ما أنفقه يقول رب لا تجعلني من الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله.
كلام له في الرؤيا والمنام الصادق حكي في دار السلام عن كتابه مظهر الغرائب في شرح دعاء عرفة للامام أبي عبد الله الحسين بن علي ع انه قال عند قوله ع وما أقلت الأرض مني ونومي ويقظتي ان الرؤيا مدارها على تزكية النفس وصفاء السر واليقين في الاعتقاد والصدق في القول والعمل فهناك تحصل المكاشفة بالرؤيا الصالحة فتأتي عيانا وهذا الامر قد جرت به التجربة وورد في الكتاب العزيز وانا العبد المذنب قد صدرت علي.
حكايتان في نوادر الرؤيا الأولى اني بعثت مرة إلى رامهرمز رجلا اعتمد عليه بدراهم ليشتري لي طعاما بألف درهم وأوصيته ان لا يشتري من أرباب الديوان هربا من الشبهة فرأيت في المنام كأنه قدم وسألته عن شراء الطعام فقال اشتريته فقلت لعلك لم تشتر من أرباب الديوان شيئا قال قد اشتبه علي الامر في منين اختلطا مع الطعام من حيث لا اعلم وسألته عن حاله قال قد أضرني وجع في بطني وكويته بالنار كيا منكرا فلما أصبحت قدم الرجل فسألته فأخبرني بما رأيت في المنام من جهة الطعام والألم الذي في بطنه.
والثانية كان لي معتمد عندي ووالدي في بلد الحويزة وكنت في نواحي ارض فارس فرأيت كان الرجل قد قام ومعه ألفا درهم من الوالد قد بعثها لي صلة منه فقلت اني أخشى ان تكون من اعمال الديوان فقال ليست منه فاستحلفته فسكت فأعدت القسم عليه فقال حيث أحلفتني فهي من اعمال الديوان الا اني أوصيت ان لا أخبرك بها وان اصرفها في بعض المهام الخارجة عنك فقلت ارجعها إليه وانتبهت فإذا به قد قدم وأخبرت بها قبل قدومه فجاء ومعه الدراهم بذلك العدد فسألته فقال ما قال في المنام حتى ألححت عليه وأقسمت عليه فاقر بها فقلت الله أكبر ان الله قد حمانا عن هذه وأرجعتها في الحال فعوض الله عنها بمنه وطوله بعد مدة يسيرة بعشرين ألف درهم وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس.
خبره مع الشيخ جعفر الخطي قال جامع ديوان الخطي: كان قبل حدوث تلك المصيبة عليه من سمل عينيه ارسل إلى الشيخ جعفر الخطي البحراني عدة كتب يستقدمه إليه فاجابه يعتذر إليه عن التوجه بشعر على طريقة أهل تلك الأطراف يسمى المواليا فلما جرى عليه ذلك كتب إلى الخطي من الهندجان يشكو ما جرى عليه ويستقدمه إليه ويعاتبه في عدم تعزيته عما جرى عليه فعرض للخطي سفر إلى فارس فأنشأ قصيدة واستصحبها معه فتوافيا بمحروسة شيراز فأنشده إياها وذلك في سنة 1016:
أبا هاشم أنهي إليك تحية * يحييك رياها برائحة العطر وأشكو لك الدهر الذي عض جاهدا * فأدمى وسام العظم نازلة الكسر وانحنى على عودي فما زال عابثا * بأوراقه حتى ألح على القشر وحظا لو استسريت ناسمة الصبا * شتاء لأسراها أحر من الجمر واخوان سوءان رمى الدهر سهمه * فأخطأني كانوا سداد يد الدهر وأتبع تسليمي إذا ما لقيتهم * ببشرى فأجزى بالعبوس عن البشر تعوضتهم عن معشر حال بيننا * وبينهم ريب المنون إلى الحشر أطالوا أيدي فالشبر باع فمذ مضوا * تقاصر باعي عن مطاولة الشبر عققتهم ان لم أكاثر بأدمعي * عليهم غمار البحر أو سبل القطر برغمي ان ألقى بني الدهر بعدهم * قذى وشجى للعين مني وللصدر قضى من قضى منهم وأصبح من بقي * أخا نكبات يستقيل من العمر تقسمهم ريب الزمان فأصبحوا * فريقين في ناب الحوادث والظفر أسفت لهذا الشطر منهم وانني * لذو كمد باق على ذلك الشطر ومتسم بالبر (1) يبطن ضده * وأضيع شئ خلطك الحلو بالمر