مسعود. قال ولما نزل حضين بمرو كان قتيبة بن مسلم يستشيره في أموره وكان الحضين ينطوي على بغض له قال وقال قتيبة لوكيع بن أبي سور ما السرور قال لواء منشور وجلوس على السرير وسلام عليك أيها الأمير وقال للحضين ما السرور فقال دار قوراء وامرأة حسناء وفرس مربوط بالفناء وقال لرجل من بني قشير ما السرور فقال الأمن والعافية فقال صدقت اه.
والأخير أحسن الأجوبة، وشرها وأقربها إلى النفاق الأول، وأوسطها الوسط خبره معه ومع أخيه لما فتح قتيبة سمرقند أورده المبرد في الكامل وأورده ابن عساكر في تاريخ دمشق وبين روايتهما بعض التفاوت قال المبرد لما فتح قتيبة بن مسلم سمرقند أفضى إلى أثاث لم ير مثله والى آلات لم ير مثلها فأراد ان يري الناس عظيم ما أنعم الله عليه ويعرفهم أقدار القوم الذين ظهر عليهم فامر بدار ففرشت وفي صحنها قدور يرتقى إليها بالسلالم وقال ابن عساكر وامر بقدور من الصفر فنصبت في صحن الدار فلم ير الناس مثلها في الكبر وانما يرتقى إليها بالسلالم والناس منها متعجبون وأذن للعامة فدخلوها قال المبرد فإذا بالحضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة الرقاشي قد اقبل والناس جلوس على مراتبهم والحضين شيخ كبير فلما رآه عبد الله بن مسلم قال لأخيه قتيبة أئذن لي في معاتبته وأراد ان يكلمه على جهة التعنت به قال المبرد فقال لا ترده لأنه خبيث الجواب وقال ابن عساكر فنهاه قتيبة وقال هو باقعة العرب وداهية الناس ومن لا تطيقه فخالفه وأبى الا ان يكلمه وكان عبد الله يضعف يحمق فاقبل على الحضين وقال أ من الباب دخلت يا أبا ساسان فقال:
اجل، أسن عمك عن تسور الحيطان وكان عبد الله تسور حائطا إلى امرأة قبل ذلك قال أ فرأيت هذه القدور قال هي أعظم من أن لا ترى قال ابن عساكر قال أفتقدر ان رقاشا رأت مثلها وقال المبرد قال ما أحسب بكر بن وائل رأى مثلها قال اجل ولا عيلان ولو رأى مثلها لسمي شبعان ولم يسم عيلان فقال له عبد الله أ فتعرف يا أبا ساسان الذي يقول:
عزلنا وأمرنا وبكر بن وائل * تجر خصاها تبتغي من تحالف قال نعم اعرفه واعرف الذي يقول:
فادى الغرم من فادى قشيرا * ومن كانت له اسرى كلاب وخيبة من يخيب على غني * وباهلة بن يعصر والرباب وزاد ابن عساكر:
وباهلة بن يعصر شر قيس * وأخبث من وطا عفر التراب فلا غفر الاله لباهلي * ولا عافاه من سوء الحساب قال أ فتعرف الذي يقول:
كان فقاح الأزد حول ابن مسمع * إذا وقد عرفت أفواه بكر بن وائل فقال نعم اعرفه واعرف الذي يقول:
ان كنت تهوى ان تنال لرغبة * في دار باهلة بن يعصر فارحل قوم قتيبة أمهم وأبوهم * لولا قتيبة أصبحوا في مجهل واقتصر المبرد على البيت الثاني قال ابن عساكر والذي يقول:
قد علمت قيس وقيس عائله * ان أشر الناس طرا باهله آباؤهم في كل حي نافله * في أسد ومذحج وعامله وما رجعت هبلتك القابلة ثم قال يا أبا ساسان من الذي يقول:
لقد أفسدت استاه بكر بن وائل * من التمر ما قد أصلحته ثمارها ومن الذي يقول:
يسد حضين بابه خشية القرى * باصطخر والكبش العظيم بدرهم قال الذي يقول:
إذا أنكرت نسبة باهلي * فرفع عنه ناحية الإزار قال المبرد قال اما الشعر فأراك ترويه فهل تقرأ من القرآن شيئا قال نعم اقرأ منه الأكثر الأطيب هل اتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا فأغضبه فقال والله لقد بلغني ان امرأة الحضين حملت إليه وهي حبلى من غيره قال فما تحرك الشيخ عن هيئته الأولى ثم قال على رسله وما يكون تلد غلاما على فراشي فيقال فلان ابن الحضين كما يقال عبد الله بن مسلم فاقبل قتيبة على عبد الله وقال لا يبعد الله غيرك. وقال ابن عساكر ثم اقبل حضين على قتيبة وقال:
قتيبة ان تكفف أخاك تكفه * وفي الوصل مني مطمع يا ابن مسلم ولا فاني والذي حجها له * رجال قريش والحطيم وزمزم لئن لج عبد الله في بعض ما أرى * لأرتقين في شتمكم رأس سلم أمزح بشيخ بعد تسعين حجة * طوتني كأني من بقية جرهم فما رد مزح قط خيرا علمته * وللمزح أهل لست منهم فأحجم وقتيبة هذا وأخوه وأبوه كانوا من أولياء بني أمية وأعداء علي ع وولده وأبوه مسلم بن عمرو البالهي هو صاحب القصة مع مسلم ابن عقيل حين اتي بمسلم أسيرا إلى ابن زياد وعلى باب القصر قلة ماء باردة فقال مسلم أسقوني من هذا الماء فقال له مسلم الباهلي أتراها ما أبردها والله لا تذوق منها قطرة ابدا حتى تذوق الحميم في نار جهنم فقال له ابن عقيل لأمك الثكل ما أجفاك وأفظك وأقسى قلبك أنت يا ابن باهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم مني. والحضين كان على العكس منهم فلا جرم ان كان ينطوي على بعض قتيبة. اما قتيبة فكان عاقلا مدبرا فهو وان كان ينطوي على بغض الحضين لكنه لا يظهر ذلك ولا يعمل بمقتضاه ويعظم الحضين ويستشيره في أموره لما يعلم من عقله وتدبيره والحضين لا يألوه نصحا اما اخوه عبد الله بن مسلم فما حمله على التعرض للحضين الا البغض والعداوة التي في نفسه ولا يستطيع كتم ذلك وقد نهاه اخوه عن التعرض للحضين فلم يقبل ففضحه الحضين وأخزاه.
ما اثر عنه من كلمات حكيمة ابن عساكر: كان حضين إذا دخل عليه زوج بنته أو زوج أخته يقول مرحبا كفانا المئونة وستر العورة وقال ابن عساكر عن أحمد بن صالح قيل لحضين باي شئ سدت قومك فقال بحسب لا يطمعن فيه ورأي لا يستغنى عنه ومن تمام السؤدد ان يكون الرجل ثقيل السمع عظيم الرأس وفي لباب الآداب قال حضين بن المنذر صاحب راية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع: ابتذال النفس في الحرب أبقى لها إذا تأخرت الآجال.
وفي كتاب البخلاء للجاحظ عن رسالة سهل بن هارون بن راهيون