إلا أن الحكمين مقطوع بهما في كلام من تعرض المسألة، بل قيل في الأول إنه متفق عليه (1). فإن ثبت الإجماع فلا مفر عنه، وإلا - كما هو الظاهر حيث إنه لا تعرض للمسألة في كلام كثير من الأصحاب، وغاية ما يتحقق هنا عدم ظهور الخلاف ولا حجية فيه - فالخروج عن الأصل في الثاني، وعن مقتضى النص الخالي عن المعارض في الأول بلا دليل مشكل.
ولذا قال في المفاتيح - بعد ذكر ورود جواز العدول بعد الفراغ في الصحيح -: وهو حسن (2)، وقال بعض شراحه: ولعله الصحيح، وقال الأردبيلي: ولو كان به قائل لكان القول به متعينا.
وأما جعله معارضا مع ما ورد في العشاء فلا وجه له، إذ لا يمكن جعل العشاء مغربا، وعدم القول بالفصل غير معلوم.
وأما صحيحة صفوان: عن رجل نسي الظهر حتى غربت الشمس وقد كان صلى العصر، فقال: (كان أبو جعفر عليه السلام أو كان أبي يقول: إن كان أمكنه أن يصليها قبل أن تفوته المغرب بدأ بها، وإلا صلى المغرب ثم صلاها) (4).
فهي وإن كانت معارضة لما دل على العدول بعد الفراغ، ولكن محل التعارض إنما هو إذا كان التذكر بعد خروج وقت الصلاتين، ولازمه تخصيص دليل العدول بها، وأما قبله فلا دليل.
والمسألة قوية الإشكال، والقول بالعدول في الوقت بعد الفراغ أقوى، والاحتياط لا يترك في كل حال.