استدلالهم للرد عليه - كما يدل عليه استدلالهم بعدم انضباط المسجد أيضا - فيتم ما ذكروه، وإن كان دليلهم هذا غير تام، لأن شأن الفقيه البحث عن الحكم وإن لم يكن موضوعه مضبوطا في الخارج، وكذا استدلالهم بفعل الحجج، فإن صلاتهم خارج المسجد وإن كانت إلى الكعبة، ولكنها تكون إلى المسجد أيضا لا محالة، فلعلها باعتبار المسجد دون الكعبة.
وأما ما استدلوا به للشق الثاني، فإن أرادوا من الجهة ما ذكرناه، فلا تخصيص له بالشق الثاني، ولا حاجة إلى تلك الأدلة الناقصة، كما يأتي.
وإن أرادوا غيره من المعاني المختلفة المذكورة في كتبهم للجهة، فمع كونها مخالفة لبعض الأخبار الدالة على ما هو التحقيق من اتحاد استقبال العين والجهة، كما في تفسير العياشي (1)، عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: في قوله تعالى:
(فول وجهك شطر المسجد الحرام) قال: (معنى شطره نحوه إن كان مرئيا، وبالدلائل والعلامات إن كان محجوبا) الحديث، وكون أكثرها مقتضيا لجواز الالتفات بكل البدن في الصلاة عمدا، وهو منفي إجماعا ونصا، ففي التفسير المذكور: (استقبل القبلة بوجهك ولا تقلب وجهك فتفسد صلاتك) (2) لا ينطبق (3) شئ من تلك الأدلة على شئ منها، بل لا دليل على اعتبار شئ منها أصلا، إلا ما قيل من أن المراد بالجهة ما تقتضيه العلامات المقررة في الشرع لقبلة البعيد (4)، وما قيل من أن المراد بها الطرف الذي يظن باستقباله استقبال