في ذلك على سواد المشرق إلى حد الرأس) (1).
وأجاب هؤلاء عن الأخبار الأولة: تارة: بعدم تعارضها مع أخبارهم، إذ غاية ما دلت عليه هو كون وقت المغرب غيبوبة الشمس وغروبها، ولا خلاف فيه، بل فيما يتحقق به ذلك، وقد دلت الأخيرة على أنه زوال الحمرة، فهذه مفسرة للأولى، فيعمل بهما معا.
وأخرى: بأنهما لو تعارضتا لكانت الأولى من قبيل المطلق بالنسبة إلى الأخيرة، فيجب حملها عليها.
ونجيب: أما عن أدلتهم، فعن الثلاثة الأولى: بزوال الاستصحاب، وحصول التوقيف، وتحقق اليقين بما ذكرنا.
وعن الروايات بعدم دلالة غير الأوليين والأخيرة.
وأما الثالثة والرابعة: فلأن - مع معارضتهما مع أخبار أخر، جاعلة وقت الإفاضة هو الغيبوبة - لا دلالة لهما على الوجوب، إذ أولاهما لا تدل إلا على أن الإمام يفيض بعد ذهاب الحمرة، وهو لا يفيد الوجوب. وثانيتهما إما سؤال عن وقت إفاضة الإمام أو القوم، كما هو مقتضى حقيقة اللفظ، فعدم دلالتها واضحة، وإما عن زمان وجوب الإفاضة أو زمان أفضليتها، ولا يتعين أحدهما، فلا تتم الدلالة.
وأما الخامسة: فلأن تغير الحمرة وذهاب الصفرة غير زوال الحمرة، بل لا ريب في تغير الأولى وذهاب الثانية بمجرد الغيبوبة في الأفق، فهي على خلاف مطلوبهم أدل.
وأما السادسة: فلأنها لا تدل إلا على أنها إذا غابت الحمرة غابت الشمس من شرق الأرض وغربها، وكون ذلك وقت وجوب المغرب ممنوع، بل هو غيبوبتها عنا، فيحتمل أن يكون غرضه عليه السلام بيان الوقت الأفضل.