منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٢٨٥
أن دعوى العلم بأن وضع الكتاب العزيز انما هو على وضع تأليف المصنفين سيما في الاحكام الفرعية دعوى لا يفي بإثباتها بينة).
أقول: يكفي في إثباتها بناء العقلا على حجية الظواهر مطلقا، وعدم الوجه في اختصاص حجية ظواهر الروايات المتضمنة للأحكام بخصوص الرواة بعد كون مضامينها أحكاما كلية لجميع المكلفين، و اقتضاء ارتكاز رواة أحاديثنا السؤال من الحكم الكلي، فلا موجب لجعل تلك الأحكام مختصة بالرواة وإثباتها لغيرهم بقاعدة الاشتراك مثلا كما ادعاه المحقق القمي.
ومما ذكرنا يظهر ما في قوله: (ولا إجماع على مساواتنا في العمل بالظن الحاصل منها لنا) حيث إن ظاهره تسليم ظهور الكتاب العزيز بالنسبة إلى غير المخاطبين، لكنه لا دليل على اعتباره شرعا، لما مر آنفا أيضا من حجية ظواهر الألفاظ ما لم يحرز قرينة على إرادة الخلاف، ومجرد احتمال نصب القرينة وإرادة خلاف الظاهر لا يقدح في حجية بناء العقلا على اتباع الظواهر بعد وضوح بنائهم على نفي القرينة بالأصل العقلائي.
والحاصل: أن ما أفاده المحقق القمي (قده) من الفرق بين المقصود بالافهام وغيره يرجع إلى جريان أصالة عدم الغفلة والخطأ في الأول دون الثاني، حيث إن عدم إرادة الظاهر بالنسبة إلى المقصود بالافهام ناش عن غفلة المتكلم عن نصب القرينة على إرادة خلاف الظاهر، أو عن غفلة المخاطب عن القرينة المنصوبة من المتكلم، واحتمال الغفلة في كليهما مدفوع بأصالة عدم الغفلة التي هي من الأصول العقلائية.
وهذا بخلاف من لم يقصد افهامه، لعدم انحصار عدم إرادة الظاهر