منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٩٨
عن أحوال أعيان الموجودات بقدر الطاقة البشرية، فيكون البحث عن الملازمة بحثا عن عوارض الإرادات والوجوبات المتعلقة بأفعال العباد.
لكن يشكل اندراج هذه المسألة في المسائل الكلامية على كلا التقديرين:
أما على الأول، فبأن الثواب انما يترتب على قصد إطاعة امر ذي المقدمة مطلقا وان لم نقل بالملازمة، الا ان يقال: بترتب الثواب على المقدمة ان كانت مأمورا بها، وأتى بها بقصد أمرها، لا أمر ذيها، وعدم ترتبه عليها ان لم تكن مأمورا بها، فتدبر، واما استحقاق العقوبة، فلا يترتب على وجوب المقدمة، وانما هو مترتب على مخالفة امر ذيها.
وأما على الثاني، فبأن المراد بأعيان الموجودات هي الموجودات العينية.
ومن المعلوم: ان الوجوب كغيره من الاحكام تكليفية كانت أم وضعية من الموجودات الاعتبارية، إذ لا موطن لها إلا وعاء الاعتبار، فلا يكون البحث عن الملازمة بين الوجوبين بحثا عن أحوال أعيان الموجودات ليندرج في المسائل الكلامية.
وأما تقريب كون المسألة من المبادئ الأحكامية كما صنعها العضدي تبعا للحاجبي وشيخنا البهائي (قده) فهو: ان تلك المبادئ عبارة عن حالات الأحكام الشرعية من حيث تنويعها إلى التكليفية و الوضعية، وكون التكليفية بأسرها متضادة، واستلزام بعضها لحكم آخر، كوجوب ذي المقدمة المستلزم لوجوب مقدمته، إلى غير ذلك من الحالات العارضة للأحكام، وعلى هذا فتندرج هذه المسألة في المبادئ الأحكامية ولا وجه لانكاره، كما لا يخفى.
وأما تقريب كونها من المبادئ التصديقية فهو: ان موضوع علم الأصول على ما اشتهر هي الأدلة الأربعة، والبحث في هذه المسألة يرجع إلى وجود الموضوع أعني حكم العقل وعدمه، فتكون من المبادئ التصديقية، هذا.