منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٢٥١
ما يستحق فاعله المدح والثواب، وتاركه الذم والعقاب) وجه الفساد:
استقلال العقل بلزوم انقياد العبد لمولاه في أوامره ونواهيه جريا على رسم العبودية، وقانونها، حيث إن كفران المنعم الحقيقي الذي هو ولي النعم ومفيضها ظلم عليه، فيوجب استحقاق العقوبة.
فاستحقاق العقاب عقلا في طرف المخالفة، لكونها طغيانا وتجريا على المولى، وهتكا لحرمته لا بأس به. بخلاف إطاعة الأوامر، فإن استحقاق الثواب عليها بهذا المعنى في غاية الاشكال، لما عرفت من حكم العقل بكون الإطاعة من وظائف العبودية ورسومها، ولا أجر على أداء الوظيفة.
نعم يمدحه العقلا على الانقياد لأوامر المولى، لكنه غير الاجر المستحق على مولاه بإزاء عمله.
ومنها: أن يراد به قابلية العبد بسبب صدور أعمال حسنة منه للفيض إن لم تكن مقرونة بالمعاصي المانعة عن هذه القابلية، فالمراد بالاستحقاق ما هو خلاف ظاهره من ثبوت حق للعبد على مولاه، لأجل إطاعته. وهذا المعنى صحيح في نفسه، ضرورة أن قابلية المحل للألطاف الإلهية والفيوضات الربانية من المسلمات، ولا ينبغي الارتياب فيها. لكن الاستحقاق بهذا المعنى ليس محل النزاع بين المتكلمين.
ومنها: أن يراد به الاستحقاق الشرعي، بمعنى: وجوب إعطاء الاجر على الباري جلت عظمته، لأجل وعده عز وجل لعباده الصالحين و المطيعين بالجنة وغيرها من النعم التي لا زوال لها، ووعده صدق، و لا خلف فيه، لقبحه، فيجب عليه الوفاء بالوعد، وهذا الوعد تأكيد لدعوة العامة، وسبب لمزيد رغبتهم في التمكين من المولى، و الانقياد له، هذا.