منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٢٤
والامن من مكائدهم، ودلالة بعضها الاخر على عدم كون المأتي به تقية بصلاة حتى نافلة، بل هو تسبيح، ومع نفي الصلاتية لا معنى لجواز تبديل الامتثال، لان جوازه مبني على كون المأتي به ثانيا بعنوان التبديل فردا للطبيعي الذي تعلق به الامر أولا، فالثواب إنما يكون لأجل التقية والمداراة معهم، فهذه الطائفة بمضامينها أجنبية عن أصل مشروعية الإعادة، فضلا عن جعلها من باب تبديل الامتثال.
ثانيتها: ما يوهم جواز تبديل الامتثال، كمرسلة الفقيه المتقدمة، حيث إن دلالة قوله عليه السلام: (يحسب له أفضلهما وأتمهما) على كون المأتي به جماعة فردا للطبيعي المأمور به واضحة، لأنه بمنزلة قوله: - يحسب له أفضل الفردين -، فلو كان الأفضل الفرد الثاني احتمل أن يكون احتسابه دون الفرد الأول من باب تبديل الامتثال، هذا. لكن فيه - مضافا إلى الارسال - أن هذا الاحتمال في غاية الوهن و السقوط، إذ لا تدل المرسلة إلا على أن الفضلى من هاتين الصلاتين هي التي تحسب له، دون الأخرى، فان كانت الفضلى هي الأولى كتبت له دون الثانية، وان كانت هي الثانية، كتبت له، دون الأولى، ولا تدل بوجه على تحقق الامتثال المسقط للامر بالمعادة، حتى يكون ذلك دليلا على جواز تبديل الامتثال الذي هو مورد البحث، فيحتمل قويا أن يراد بقوله عليه السلام:
(يحسب له أفضلهما) أن المعادة تحسب أفضلهما باعتبار الغرض المترتب على التقية، لا باعتبار المصلحة القائمة بالطبيعة المشتركة بين الفردين، ضرورة وفاء الفرد الأول بها، فلا يمكن احتساب ما به الاشتراك مرتين، بل الاحتساب لا بد أن يكون باعتبار مزية زائدة على ما به الاشتراك موجودة في الفرد الثاني دون الأول. وقد ظهر من هذا البيان: أن قوله عليه السلام: (أفضلهما وأتمهما) منصوب. و دعوى: أن الحساب بمعنى العد لا يتعدى إلى مفعولين، وإنما المتعدي إليهما هو الحسبان الذي يعد من أفعال القلوب غير مسموعة، لقول الشاعر: (ولا تعدد المولى شريكك في الغنى)، ويقال في الاستعمالات المتداولة: عد زيدا عالما، أو شاعرا، أو نحو ذلك، مما يكون