منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ١٢٤
تكون كاشفة، بل المراد بها: عدم كون التوقف والمقدمية بحسب الواقع، بل بحسب عادة الناس، كتوقف الكون على السطح على نصب السلم.
نعم توقفه على قطع المسافة واقعي، لامتناع الطفرة، فوجه المقابلة حينئذ هو مجرد تحقق المقدمية بكل منها ظاهرا وإن كان المناط فيها مختلفا من حيث الكشف في بعضها، والقيدية في الاخر وهو المقدمة العادية.
وان كان ناظرا إلى مقام الثبوت وهو التوقف الواقعي، فلا تقبل المقدمة هذا الانقسام أصلا، لأنه راجع إلى التوقف التكويني من دون دخل للعقل أو الشرع أو العادة فيه، فلا موضوع حينئذ للبحث عن رجوع المقدمة الشرعية إلى العقلية.
وان كان ناظرا إلى مقام الجعل بأن يكون الجاعل للمقدمية الشرع، أو العقل، أو العادة، فلا وجه له أيضا، إذ ليس شأن العقل الجعل و التشريع، بل وظيفته إدراك الحسن والقبح وغيرهما، وهو المراد بالأحكام العقلية. وكذا العادة، فإنها ليست جاعلة لحكم، بل والشرع أيضا، بناء على ما قيل من (عدم قابلية الأحكام الوضعية للجعل، و كونها أمورا واقعية كشف عنها الشارع، فتأمل.
والحق أن المقدمة الشرعية (ان كانت) بمعنى تقيد الواجب شرعا بقيود وجودية كالطهارة، والستر، والاستقبال وغيرها مما يعتبر شرطا في الصلاة، أو عدمية كعدم الاستدبار، ولبس ما لا يؤكل و غيرهما مما يعد مانعا، فلا إشكال في مغايرتها للمقدمة العقلية، لان اعتبار هذه الأمور وجودا أو عدما في الصلاة، والتقيد بها إنما هو بجعل الشارع، ولا مسرح للعقل فيها أصلا، فلا ترجع المقدمة الشرعية إلى العقلية قطعا. (وان كانت) بمعنى توقف المقيد بما هو مقيد على وجود قيده بحيث ينتفي بانتفائه، فلا ينبغي الاشكال في رجوعها إلى المقدمة العقلية، لكن الإضافة إلى الشرع قرينة على إرادة المعنى الأول، هذا.