ليس، هو الطبيعي من حيث هو بل من حيث وجوده، ولا اشكال، في أن وجودات الطبيعة متباينة مثلا وجود زيد غير وجود عمرو حتى من الجهة المضافة إلى الانسان وليس مجموع الوجودات وجودا واحدا شخصيا، فما هو المتيقن من الوجودات، مرتفع قطعا، وما هو مشكوك البقاء، مشكوك الحدوث.
مع أن الالتزام بجريان الاستصحاب في هذا القسم مستلزم لتأسيس فقه جديد، فان من علم بنجاسة يده اليمنى واحتمل إصابة النجاسة أيضا بيده اليسرى ثم غسل يده اليمنى، لابد من البناء على استصحاب بقاء نجاسة بدنه فلا يجوز له الدخول في الصلاة، وكذا في باب الدين لو علم بان مديون بزيد دينارين ولكن يحتمل ان يكون دينه أكثر فإذا أدى دينارين يجرى استصحاب بقاء الدين، وكذا في باب الإرث لو كان لشخص ولد ومات قبل أبيه ثم مات أبوه ويحتمل ان يكون له أبن آخر في بلد آخر فإنه على هذا يجرى استصحاب بقاء الابن له ولا يرثه الطبقة الثانية وهكذا في ساير الأبواب.
وقد استدل صاحب الدرر (ره) على جريانه في القسم الثالث مطلقا، بأنه لو جعلت الطبيعة بنحو صرف الوجود موضوعا للحكم لا يرتفع هذا المعنى الا بانعدام تمام الافراد في زمان من الأزمنة، لأنه في مقابل العدم المطلق، ولا يصدق هذا العدم الا بعد انعدام جميع الوجودات، وعليه فلو شك في حدوث فرد آخر اما مقارنا لحدوث الفرد المعلوم، أو مقارنا لارتفاعه، فيجرى استصحاب الجامع بلحاظ صرف الوجود، إذ على فرض تحقق ذلك الفرد، يكون الكلى بهذه الملاحظة باقيا لا حادثا فالشك فيه شك في البقاء.
وفيه: ان صرف الوجود من حيث هو بلا إضافة إلى ماهية من الماهيات ينحصر مصداقه في واجب الوجود، وصرف وجود طبيعي من الطبيعيات، ان كان لوجوده تحقق سوى تحقق افراده وكان معلولا له كان ما ذكره تاما، ولكن بما ان وجوده بعين وجودها، فيعود المحذور الذي ذكرناه.
وللفاضل التوني في المقام كلام - وحاصله - ان بناء المشهور على اجراء أصالة عدم التذكية عند الشك فيها، ويثبتون بها، نجاسة الحيوان، وحرمة لحمه، مع أن هذا الاستصحاب من قبيل الاستصحاب في القسم الثالث من اقسام الكلى: وذلك لأنه لا ريب