يظهر الحال في جملة من الفروع.
منها: ما لو علم بنجاسة أحد المائين، فغسل شيئا نجسا بهما بالترتيب، فإنه لابد وان يبنى على طهارة ذلك الشئ، فان استصحاب الطهارة الحاصلة بعد الغسل بأحدهما يعارض استصحاب النجاسة الثابتة بعد الغسل بالآخر الذي هو من قبيل القسم الرابع، فيتساقطان فيرجع إلى قاعدة الطهارة، ولا مورد للرجوع إلى استصحاب النجاسة الموجودة قبل الغسل بهما فإنها ارتفعت قطعا بالغسل بأحدهما الطاهر.
ومنها: ما لو كان جنبا فطهر بدنه بالمائين المشتبهين المعلوم نجاسة أحدهما، ثم اغتسل بكل من المائين، بان غسل بدنه بأحدهما ثم اغتسل منه، ثم غسل تمام بدنه بالماء الثاني ثم اغتسل منه، فإنه يحصل بذلك الطهارة الحدثية والخبثية، اما الأولى فتحققها ثابت معلوم لفرض طهارة أحد المائين، واما الثانية فلانه كما يعلم بنجاسة بدنه حين الملاقاة مع ما في الاناء الثاني، اما لنجاسة أو لنجاسة الماء الذي اغتسل منه أو لا، فيستصحب تلك النجاسة، كذلك يعلم بطهارة بدنه بعد تمامية الغسل بأحد المائين فعلى القول بجريان القسم الرابع، يجرى استصحاب تلك الطهارة فيتعارضان ويتساقطان فيرجع إلى قاعدة الطهارة.
فان قيل لازم ذلك جواز الوضوء بالمائين المعلوم نجاسة أحدهما، ولم يفت به أحد، أجبنا عنه بان عدم افتاء الفقهاء في ذلك الفرع انما هو للنص، المتضمن لقوله (ع) يهريقهما ويتيمم (راجع الوسائل باب 8 و 12 من أبواب الماء المطلق، وباب 4 من أبواب التيمم، وباب 64 من أبواب النجاسات).
ولذلك في ذلك الفرع بنى جماعة على أنه إذا كان المائان كرين يتعين الوضوء بهما لاختصاص النص بالقليلين.
ومنها: ما لو رأى في ثوبه منيا، واحتمل ان يكون من جنابة اغتسل منها، أو من جنابة أخرى، وقد تقدم الكلام فيه ومنها غير ذلك من الفروع الفقهية، وتمام الكلام في هذه الفروع موكول إلى محله وانما الغرض، هو الإشارة إلى أن الجاري في هذه الفروع القسم الرابع من اقسام استصحاب الكلى.