بين ما لو علم بكونه من غيره الجنابة التي اغتسل منها لكن شك في حدوثه قبل الغسل أو بعده، وبين ما لو احتمل كونه من الجنابة التي اغتسل منها فاختار وجوب الغسل في الأول، دون الثاني.
وقد استدل للأخير: بأنه في الصورة الأولى يعارض استصحاب الطهارة المتيقنة الحاصلة بالغسل، استصحاب الحدث المتيقن عند خروج المنى الموجود في الثوب فيتساقطان، ويرجع إلى قاعدة الاشتغال القاضية بوجوب تحصيل القطع بالطهارة للصلاة، وفى الصورة الثانية بما ان الرؤية لا توجب العلم بثبوت تكليف وراء ما علم سقوطه، فلا محالة يكون الشك في التكليف فيها موردا للبرائة.
وفيه: ان في الصورة الأولى بما انه يحتمل تعاقب الجنابتين وعلى فرضه لا توجب الجنابة الثانية تكليفا آخر، بل يكون وجودها كعدمها فتكون بعينها الصورة الثانية من هذه الجهة فلابد من الالتزام بجريان البراءة فيها أيضا، ولعله يكون مدرك القول بعدم الوجوب مطلقا وستعرف ضعفه.
وتحقيق القول فيه ان استصحاب الحدث المتيقن وجوده حين خروج المنى الموجود في الثوب الذي هو القسم الرابع من اقسام استصحاب الكلى يجرى في نفسه وقد استدل لعدم جريانه بوجوه.
الأول: عدم اتصال زمان الشك باليقين، إذ لو رجعنا القهقرى من زمان الشك إلى زمان العلم بالطهارة للاغتسال لم نعثر على زمان يعلم بوجود المشكوك فيه، مع أن المعتبر في جريانه اتصال زمان الشك باليقين لقوله (ع) من كان على يقين فشك.
وفيه: ان هذا المعنى من الاتصال غير معتبر في الاستصحاب، بل المعتبر فيه اليقين السابق والشك اللاحق وعدم توسط اليقين بالخلاف، وفى المقام الحدث معلوم سابقا ومشكوك فيه لاحقا، وليس بينهما العلم بالطهارة وسيجيئ في التنبيهات الآتية توضيح ذلك.
الثاني: انه من جهة احتمال كون المنى الموجود في الثوب من الجنابة التي اغتسل منها قطعا، وبعبارة أخرى قبل الغسل، يحتمل ان يكون من نقض اليقين باليقين فلا يجرى