مما لا ريب في غيه لا داخلا في الشبهات وقد أدخله الإمام (ع) فيها، فمقتضى عموم العلة ان كل معارض كان لا ريب فيه بالإضافة إلى معارضه يكون هو الحجة - وبعبارة أخرى - يكون مقدما عند التعارض ذكره الشيخ الأعظم.
وأورد عليه جمع من الأساطين منهم المحقق الخراساني: بان الشهرة في الصدر الأول بين الرواة وأصحاب الأئمة (ع) موجبة لكون الرواية مما يطمئن بصدوره بحيث يصح ان يقال انه مما لا ريب فيه، ولا باس بالتعدي منه إلى مثله مما يوجب الاطمينان والوثوق بصدوره لا إلى كل مزية ولو لم توجب الا أقربية ذي المزية إلى الواقع من المعارض الفاقد لها.
وأيده بعضهم بان المراد بالمشهور هو معناه اللغوي وهو الظاهر والواضح، والمشهورية بهذا المعنى لا تلازم الاطمينان بعدم صدور الآخر بعد ما يوجد التعارض في مقطوعي الصدور - نعم - لو اطمئن بان الحكم الواقعي هو ما أدى إليه هذا الخبر يطمئن بعدم كون ما أدى إليه الآخر هو حكم الله تعالى، وبه يظهر انه يمكن فرضهما مشهورين.
أقول: ان الشيخ الأعظم في استدلاله بعموم العلة لا يدعى ان المراد من لا ريب فيه، لا ريب فيه بالإضافة كي يرد عليه ما ذكر، بل يدعى انه وان كان ظاهر التعليل هو نفى الريب فيه بقول مطلق من جميع الجهات، ولكن بقرينة فرض السائل الخبرين مشهورين، وارجاعه (ع) إلى صفات القاضي قبل ملاحظة الشهرة والحكم بالرجوع مع شهرتهما إلى المرجحات الاخر، يتعين إرادة نفى الريب فيه من جهة من الجهات، فيكون مفاد التعليل ان في الشاذ احتمالا لا يوجد في المشهور، ومقتضى التعدي عن مورد النص في العلة، وجوب الترجيح بكل ما يوجب كون أحد الخبرين أقل احتمالا من الآخر.
ولكن يرد على الشيخ (ره) انه بعد فرض عدم إرادة لا ريب فيه من جميع الجهات، يدور الامر بين إرادة لا ريب فيه بقول مطلق من حيث الصدور، فلا يتعدى الا إلى ما يوجب الاطمينان بالصدور، وبين إرادة لا ريب فيه بقول مطلق من جهة من الجهات بلا دخل لجهة الصدور في ذلك، ولازمه التعدي إلى كل ما كان الاحتمال فيه أقل من الآخر، ولو لم ندع ظهوره في الأول من جهة خصوصية المورد ومناسبة الحكم