يشهد للأخير ما سنذكره.
واستدل للأول: بان الاخبار العلاجية سؤالا وجوابا ظاهرة في اخذ أحد الخبرين رأسا وترك الآخر كذلك لاحظ، قوله يأتي عنكم خبران متعارضان أو مختلفان بأيهما آخذ، وقوله (ع) خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر، وعلى الجملة الناظر في الاخبار العلاجية يرى أن مورد السؤال والجواب ومحطهما الخبران المختلفان بجميع المضمون فلا تشمل العامين من وجه.
والجواب عنه يظهر مما سنذكره في بيان المختار.
واستدل المحقق النائيني (ره) لما ذهب إليه: بأنه ان أريد من الرجوع إلى المرجح السندي طرح الفاقد مطلقا فهو بلا وجه لعدم المعارض له في مادة الافتراق، والمفروض حجيته مع قطع النظر عن المعارض، فطرحه في غير مادة الاجتماع طرح للحجة بلا وجه، وان أريد منه طرحه في خصوص مادة الاجتماع، فهو غير جائز، لان الخبر الواحد لا يتبعض في مدلوله من حيث السند، إذ لا يمكن ان يكون الخبر صادرا في بعض مدلوله وغير صادر في بعضه الآخر.
وفيه: ان المستبعد هو التعبد بصدور خبر، وعدم صدوره، واما التعبد بان الخبر صدر بنحو لا يشمل مورد الاجتماع - مثلا - إذا ورد - أكرم العلماء - ولا تكرم الفساق، يتعبد الشارع بان الخبر الأول، لم يكن حين ما صدر هكذا بل كان مع قيد (غير الفاسق) أو (العدول) ولم ينقله بعض المحدثين أو أسقطه المخالفون، وما شاكل فلا نستبعده، ومفاده الاخبار العلاجية لو شملت العامين من وجه يكون من هذا القبيل وسيجيئ توضيحه.
وحق القول في المقام ان يقال في جميع تلك الصور الثلاث، انه تارة يكون العامان قطعيين، وأخرى يكونان ظنيين، وثالثة يكون أحدهما قطعيا والآخر ظنيا.
اما الصورة الأولى: فحيث ان الاخبار العلاجية ظاهرة في أن موردها ما إذا كان التعارض في السند بحيث يكذب كل من المتعارضين الآخر، فلا محالة لا تشمل هذه الصورة، واما ظهور كل منهما فيعارض ظهور الآخر فيجرى فيه ما سنذكره فيما تقتضيه القاعدة عند تعارض الدليلين، وستعرف انها تقتضي التخيير، فيحكم بالتخيير لأجل ذلك.