الشك، مع أدلة الشكوك، فتارة يلاحظ اللب والواقع، وأخرى يلاحظ المدلول العنواني بما هو كذلك، فعلى الأول يكون التنافي ثابتا إذ ليس مفاد الأول بحسب الواقع الا رفع الحكم الثابت بعموم أدلة الشكوك، وعلى الثاني بما ان لسانه نفى الموضوع فلا تنافى بينه وبين ما تضمن اثبات حكم على تقدير وجود الموضوع، فعلى التعريفين لا تعارض بين الحاكم والمحكوم، واما ضابط الحكومة فحيث انها ليست مدلول دليل لفظي، فلا وجه للنزاع في مفهومها سعة وضيقا، بحسب المتفاهم العرفي، بل لابد من الرجوع إلى دليل تقديم الحاكم وملاحظة مقدار ما يقتضيه ذلك الدليل، سعة وضيقا وانتزاع جامع لتلكم الموارد، وجعله ضابطا لها.
وعلى ذلك، فتنقيح القول في المقام انما هو بالبحث أولا في بيان الضابط المذكور ثم في وجه التقديم.
اما الأول: فضابطها، ان يكون أحد الدليلين ناظرا إلى الدليل الآخر، أو صالحا لذلك.
اما بالتصرف في موضوعه سعة كقوله (ع) الفقاع خمرة بالنسبة إلى دليل حرمة الخمر، أو ضيقا، كقوله (ع) لا شك لكثير الشك، بالنسبة إلى أدلة الشكوك.
أو بالتصرف في متعلقه نفيا، كقول، الضيافة ليست من الاكرام، بالنسبة إلى ما دل على مطلوبية اكرام العالم، أو اثباتا مثل الطواف في البيت صلاة بالنسبة إلى أدلة وجوب الصلاة وما يعتبر فيها.
أو بالتصرف في محموله، بان يتلونه بلون، ويدل على عدم ثبوت ذلك الحكم في بعض الحالات والموارد كدليل نفى الضرر فإنه ناظر إلى أدلة الاحكام ويدل على انها مختصة بغير موارد الضرر.
واما الثاني: أي وجه التقديم ففيما إذا كان دليل الحاكم ناظرا إلى دليل المحكوم أو صالحا له بالتصرف في موضوعه أو متعلقه فواضح: إذ كل من الدليلين حينئذ متكفل لبيان شئ غير ما يكون الآخر متكفلا له، فان دليل المحكوم لا يكون ناظرا إلى موضوعه ولا إلى متعلقه بل يثبت الحكم على تقدير وجود الموضوع، ودليل الحاكم ينفى الموضوع،