معا، ودار الامر بين ان يكونا خارجين عنه رأسا فلا يجب اكرامهما أصلا، وبين ان يقيد اطلاقه الأحوالي بالنسبة إلى كل منهما فيجب اكرام كل منهما عند ترك اكرام الآخر، ومن المعلوم ان المتعين هو الثاني: لان الضرورات تتقدر بقدرها فالمقدار المعلوم خروجه عن تحت العام، هو عدم وجوب اكرامهما معا، واما الزايد عن ذلك، فمقتضى عموم العام هو لزوم اكرام كل منهما منفردا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم أن المدعى جريان القسم الثالث في المقام دون الأولين، بتقريب: ان مقتضى اطلاق أدلة حجية الخبر حجية كل منهما مطلقا، ووجوب العمل به سواء عمل بالآخر، أم لم يعمل به، وقد علمنا من جهة ما تقدم من امتناع حجيتهما معا، انه لم يجعل الشارع الحجية لهما مطلقا، فيدور الامر بين ان يسقطا عن الحجية رأسا، وبين ان يقيد حجية كل منهما بعدم العمل بالآخر فتثبت الحجية تخييرا، وقد عرفت ان المتعين هو الثاني: ولعل مراد المحقق الخراساني من حجية أحدهما بلا عنوان ذلك.
وقد أورد عليه بايرادات، الأول: انه حيث يستحيل الاطلاق في المقام فيستحيل التقييد: إذ التقابل بين الاطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة، فإذا لم يمكن الاطلاق ثبوتا كيف يمكن التقييد في مقام الاثبات.
وفيه: انه في موارد العدم والملكة امتناع أحدهما لا يستلزم امتناع الآخر، بل ربما يكون الآخر ضروريا، مثلا: الجهل في المبدأ الاعلى محال والعلم ضروري، والغنى، في الممكن ممتنع، والفقر ضروري وهكذا، واما في الاطلاق والتقييد فإذا امتنع أحدهما لمحذور فيه، وكان ذلك المحذور في الآخر أيضا، كان ممتنعا، مثلا تقييد وجوب الصلاة بالعاجز ممتنع لقبح التكليف بما لا يطاق، وهذا المحذور موجود في الاطلاق فهو ممتنع، ولو لم يكن ذلك المحذور في الآخر، كما في تخصيص الولاية بالفاسق، المستلزم لترجيح المرجوح على الراجح، كان الآخر ضروريا لامتناع الاهمال النفس الأمري، وفى المقام بما ان المحذور المتقدم انما يكون في الاطلاق وهو ليس في التقييد فلا يكون محالا.