الكلام في هذا الصحيح يقع في مواضع. الأول: في فقه الحديث وما يستفاد منه من الاحكام. الثاني: في دلالته على الاستصحاب. الثالث: في التعليل لعدم وجوب الإعادة بالاستصحاب.
اما الأول: فالمستفاد منه احكام.
منها: بطلان الصلاة في صورة العلم بالنجاسة، ونسيانها.
ومنها: بطلانها مع العلم الاجمالي بالنجاسة، وعدم العلم بمحلها.
ومنها: انه لو شك في النجاسة وصلى ثم رأى في ثوبه النجاسة، لا تجب إعادة الصلاة وقد تعجب زرارة من هذا الحكم لتخيله منافاته لما حكم به أولا من وجوب الإعادة مع العلم بالنجاسة، ونسيانها وسئل عن علة هذا الحكم، فأجاب (ع) بأنه في صورة عدم العلم بالنجاسة كان مقتضى الاستصحاب جواز الدخول في الصلاة، وعدم وجوب اعادتها بخلاف الصورتين الأوليين.
ومنها: بطلان الصلاة في صورة النجاسة في أثناء الصلاة مع العلم بكونها من الأول، والصحة مع احتمال ان تكون النجاسة قد وقعت في الأثناء.
وقد أشكل على الرواية بأنه في صورة الجهل بالنجاسة مع وقوع تمام الصلاة في النجس حكم (ع) بالصحة، وفى تلك الصورة مع وقوع بعضها فيه حكم بالبطلان، وقد يقال كما عن بعض الأفاضل ان المفروض في المسألة الأولى، انه تفحص ولم ير شيئا - بخلاف المسألة الثانية - ولكن الفحص لا يصلح فارقا.
والأولى: ان يقال انه في المسألة الثانية المفروض وقوع بعض الأكوان الصلاتية مع النجس المعلوم، وهو الموجب للبطلان، وهذا ليس في الأولى، لا يقال انه ان كان هذا موجبا له لزم الحكم بالبطلان في الفرض الثاني في تلك المسألة، وهو ما لو رأى النجاسة واحتمل وقوعها في الأثناء - فإنه يقال - انه خارج عن تحت ما دل على اعتبار عدم العلم بالنجاسة في جميع الحالات والأكوان الصلاتية لهذا الخبر، ولخبرين آخرين، وعلى أي تقدير هذا ليس اشكالا على الرواية، بل الأصحاب أيضا أفتوا بالفرق بين المسألتين.
واما الموضع الثاني: فمورد الاستدلال به، قوله (ع) فليس ينبغي لك ان تنقض