الزمان الأول: إذ لا فرق في جريان الاستصحاب بين كون الشئ مشكوكا فيه في الزمان اللاحق رأسا، وبين كونه كذلك في جزء منه مع العلم بارتفاعه بعده: لاطلاق الدليل، فلو علم بموت زيد يوم الجمعة وشك في حدوث الموت فيه أو في يوم الخميس يجرى استصحاب عدم الموت وبقاء الحياة في يوم الخميس.
وان كان من قبيل الثاني أي كان الأثر مترتبا على تأخره عنه وحدوثه في الزمان الثاني، فالاستصحاب لا يصلح لاثباته لان تأخره عن الزمان الأول لازم حدوثه فيه لا انه عينه وقد مر عدم حجية الاستصحاب في مثبتاته.
وقد يقال انه قد اشتهر في الألسن أصالة تأخر الحادث، فما المراد منها ان لم يثبت بالاستصحاب عنوان التأخر.
قال الشيخ الأعظم انه يمكن ان يكون مرادهم ما لو كان موضوع الأثر نفس المستصحب وجودا كان علم عدمه أو عدما علم وجوده وهو الفرض الأول، ويمكن ان يوجه كلامهم بأنهم ملتزمون بحجية الاستصحاب من باب الظن فيكون حجة في مثبتاته، ويمكن القول به من باب خفاء الواسطة.
والمحقق الخراساني وجه كلامهم بطريقين أحدهما من طريق خفاء الواسطة بان يقال ان العدم في الزمان الأول ملغى في نظر العرف ويرون التعبد به تعبدا بنفس التأخر الملازم عقلا لذلك العدم، ثانيهما من طريق عدم التفكيك في التنزيل بين عدم تحققه إلى زمان وتأخره عنه عرفا كما لا تفكيك بينهما واقعا.
ويرد على الأول مضافا إلى ما تقدم في مسألة الأصل المثبت، من عدم حجيته حتى مع خفاء الواسطة وانه لا اثر لخفائها: ان التأخر امر وجودي والعدم في الزمان الأول عدمي والثاني مورد للاستصحاب، والأول موضوع الأثر فكيف يصح ان يدعى خفاء الواسطة وبه يظهر ما في كلام الشيخ.
ويرد على الثاني مضافا إلى ما تقدم في ذلك المبحث، من أن جلاء الواسطة كخفائها لا اثر له: ان عدم التفكيك في التنزيل ان كان من جهة التلازم بينهما عقلا فلابد من البناء على حجيته مطلقا، وان كان من جهة ما في بعض الاستلزامات من الخصوصية،