ولكن الظاهر أن مرادهما (قده) ليس هو الرجوع إلى المسامحات العرفية، وانما يدعيان الرجوع إلى العرف في تحديد مفهوم النقض المترتب عليه الاستصحاب، بدعوى ان الخطاب انما يدل على حرمة نقض ما يعد نقضا بنظر العرف، والعرف يرون ان عدم ترتيب آثار الواسطة إذا كانت خفية نقض لليقين السابق لأنهم يرون اثرها اثرا لذي الواسطة وان كان بالدقة اثرا لها.
فالصحيح في الجواب ان يقال ان مفهومي الابقاء والنقض من المفاهيم الواضحة وهما يصدقان على ترتيب آثار المتيقن نفسه وعدم ترتيبها، فإذا فرضنا ترتيب آثاره، دون آثار الواسطة لما كان هناك نقض أصلا، وانما العرف يرونه نقضا لمسامحتهم في التطبيق أي بنائهم على كونها آثارا، لذي الواسطة، ولا عبرة بنظر العرف في التطبيق، فالأظهر انه لا اثر لخفاء الواسطة، ولا فرق بينه وبين جلائها.
وألحق المحقق الخراساني بذلك بعض موارد جلاء الواسطة، وذكر له موردين:
الأول: ما إذا كان مورد التعبد الاستصحابي، هي العلة التامة، أو الجزء الأخير منها، وهو الذي ذكره بقوله، ما كان بوساطة ما لا يمكن التفكيك عرفا بينه وبين المستصحب تنزيلا كما لا تفكيك بينهما واقعا انتهى: والوجه فيه، ان العلة التامة أو الجزء الأخير منها، والمعلول، كما لا تفكيك بينهما واقعا لا تفكيك بينهما تنزيلا بنظر العرف وبحسب المتفاهم العرفي يكون التعبد بالعلة تعبدا بالمعلول.
الثاني: ما إذا كان مورد التعبد الاستصحابي من الأمور المتضائفة، كالأبوة، والبنوة، وهو الذي ذكره بقوله أو بوساطة ما لأجل وضوح لزومه له أو ملازمته معه بمثابة عد اثره اثرا لهما، والوجه فيه ان العرف لا يرونهما شيئين، بل هما عندهم شئ واحد ذو وجهين، واثر أحدهما اثر الآخر.
ولكن يرد على الأول، انه بعد التحفظ على أن محل الكلام، ما إذا كان هناك اثران شرعيان، أحدهما مترتب على العلة التامة أو الجزء الأخير منها، والآخر مترتب على المعلول، كيف يتصور اليقين السابق بوجود العلة التامة، دون معلولها مع أنهما لا ينفكان حدوثا وبقاءا، وعليه فلا محالة هناك يقين سابق وشك لاحق بالنسبة إلى كل منهما