كان هو التلازم بين الاحرازين التعبديين، فيرد عليه ان ذلك تابع لدليل التعبد فمع فرض عدم الدليل على التعبد باحراز اللوازم والملزومات والملازمات، لا تلازم بينهما، وان أريد ان احراز الشئ تعبدا يلازم احراز لوازمه وجدانا فهو بين الفساد.
واما ما افاده من أنه بعد انكشاف المؤدى يترتب عليه جميع ما للمؤدى من الخواص والآثار على قواعد سلسلة العلل والمعلولات، ففيه ان ما يكون اثرا تكوينيا للشئ أو لاحرازه الوجداني، ولا يكون اثرا تكوينيا لاحرازه التعبدي، لا مجال لاجراء تلك القواعد فيه.
والحق في المقام ان يقال ان حجية دليل الشئ، في ملازماته، وملزوماته، ولوازمه تتوقف على أمرين، أحدهما كون ذلك الشئ كاشفا عنها ككشفه عن مؤديه نفسه نظير الخبر الحاكي عن امر واقعي كشرب زيد ما في الكأس، المعين الخارجي، فإنه كاشف عن شربه بالمطابقة، وعن موته إذا كان ذلك سما في الواقع بالالتزام، ثانيهما ثبوت الاطلاق لدليل اعتباره من جميع الجهات كما في أدلة حجية الخبر الواحد، حيث إنها باطلاقها تدل على أن مقول قول العادل مطابق للواقع بتمام آثاره وخصوصياته.
ومع فقد أحد القيدين أو كليهما، لا يكون دليل ذلك الشئ حجة في مثبتاته، وفى بعض الامارات يكون القيد الثاني مفقودا كما في الظن بالقبلة، حيث إنه حجة من باب الطريقية، ومع ذلك لا يكون حجة في مثبتاته ولا يثبت به لازمه وهو دخول الوقت، فان قوله (ع) فليتحر أي فليأخذ بالأحرى، لا يدل على أزيد من حجيته للقبلة خاصة.
واما في الأصول ومنها الاستصحاب فالمفقود هو الأول، فان المأخوذ في موضوع الاستصحاب اليقين السابق، والشك اللاحق، ومع هذين القيدين يتعبد الشارع بالوظيفة المقررة، وعليه فبالنسبة إلى المؤدى هما موجودان يتعبد الشارع به، وبالنسبة إلى اللوازم والملزومات والملازمات، هما مفقودان لا يتعبد بهما مثلا، لو تيقن حياة زيد، ثم شك في موته فبالنسبة إلى الحياة اليقين السابق، والشك اللاحق موجودان، واما بالنسبة إلى نبات اللحية الذي هو من اللوازم العادية لبقاء زيد إلى زمان الشك، فهما مفقودان، فبدليل الاستصحاب لا يتعبد به، فان شئت فقل، ان الحكم يدور مدار وجود الموضوع،