كلها على ذلك حتى تستبين، أو تقوم به البينة " (1).
ويمكن دفع الثاني: بأن أخبار اعتبار البينة، غير دالة على اعتبار البينة في مطلق الموضوعات، ولذلك استشكل جمع من الأصحاب فيه، ورضوا بعضهم بكفاية العدل الواحد.
وعن ثالث: أن المراد من " البينة " هو الحجة، ولا دليل على انصرافها إلى البينة المقصودة في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إنما أقضي بينكم بالأيمان والبينات " (2) مع أن احتمال كون المراد منها هناك أيضا ذاك، قوي.
وبالجملة: لا تدل الرواية على ردع قول اللغوي، وإلا يلزم أن تكون رادعة للظواهر، لأن الاستبانة في موارد الظواهر ممنوعة، إلا في صورة حصول الوثوق كما لا يخفى، فلا تخلط.
فما يظهر من العلامة الأراكي (قدس سره) في المقام (3)، غير تام أيضا، نعم لا بد من إثبات كون قوله حجة وبينة، وهو غير معلوم كما لا يخفى.
الأمر الخامس: أن قول اللغويين ليس من الشهادة حتى يحتاج إلى البينة، بل الرجوع إليه كالرجوع إلى الفقهاء في الفتوى، فأدلة اعتبار البينة، أو اعتبار عدالة الشهادة، أجنبية عن قولهم، لأن قوله من الرأي، إلا أنه رأي قريب من الحس، كما أن أرباب الصناعة ومهرة الفن، لهم الآراء في أمورهم، فتكون المسألة خارجة عن مسألة الشهادة.
نعم، حجية آرائهم تحتاج إلى الدليل، وقد مر الكلام حوله في الوجه الثالث.