المجازي وفي غير ما وضع له، أم إرادة المعنى الموضوع له، فيكون من الشك في المقتضي، وقد مر عدم وجود أصل يحرز به المقتضي، فلا تصل النوبة إلى أصالة الجد والطباق، فافهم واغتنم.
المرحلة الثالثة: مرحلة البناء على أن ما هو المراد في الإرادة الاستعمالية، هو المراد واقعا وجدا.
وإن شئت قلت: بعد البناء على صفة الاستعمال، وهو استعمال اللفظ في الموضوع له، وبعد كشف هذه الصفة فرضا بإحدى الأصول الممكنة، فلا بد من سد الاحتمال الآخر، وهو ثالث الاحتمالات: وهو أنه استعمل اللفظ في الموضوع له، ولكن ليس المقصود هذا المعنى، بل المتكلم بصدد الأمر الآخر، فيكون الأمر مثلا للتعجيز والتمرين والامتحان، فلا تجب الإطاعة مثلا، أو يكون الأمر تقية، أو هنا مصلحة في نفس الإلقاء والاستعمال، وينسد هذا الاحتمال بأصالة الجد والتطابق بين المرادين، المعبر عنها، ب " أصالة الظهور " وهو الأصل العقلائي.
وهذا الأصل كما يجري بعد كشف حال الاستعمال الحقيقي، نحتاج إليه فيما إذا أقيمت القرينة على المجاز، فإذا ورد " جئني بأسد يرمي " فإنه لو فرضنا أن اللفظ مستعمل في غير ما هو الموضوع له، فلا بد من الالتزام بالإطاعة، نظرا إلى الأصل المزبور، فهذه المرحلة مما لا بد منها على كل تقدير، ففي صورة الشك في وجود القرينة يجري هذا الأصل. وقد مر وجه المناقشة، وأن الإشكال الذي وجهناه على مقالة المشهور، يأتي هنا بجوابه.
وغير خفي: أنه لا حاجة إلى إحراز عدم القرينة، بل يكفي الشك في وجود القرينة، فما تمسك به الشيخ (رحمه الله) وأتباعه: من أصالة عدم القرينة (1)، في غير محله في هذه المرحلة أيضا.