عنه وقابلا لأن يكون محركا لإرادة المكلف نحو امتثاله مع ما هو عليه من الإجمال، بحيث يمكنه المخالفة القطعية للتكليف، فلا أثر للعلم الإجمالي إذا تعلق بما لا يمكن أن يكون محركا لإرادة العبد، كموارد دوران الأمر بين المحذورين، فان التكليف المردد ين وجوب الحركة أو السكون غير صالح للانبعاث عنه بعد ما كان العبد لا يخلو عن أحدهما تكوينا، وسيأتي إن شاء الله تعالى (في مبحث البراءة) ان شيئا من الأصول العقلية والشرعية لا تجرى في موارد دوران الأمر بين المحذورين.
وليعلم أنه يعتبر في دوران الأمر بين المحذورين أمور:
الأول: وحدة القضية وعدم تكررها، فان في صورة تكرار القضية يتمكن المكلف من المخالفة القطعية، كما لو دار أمر المرأة بين كونها محلوفة الوطي في كل ليلة من ليالي الأسبوع، أو محلوفة الترك كذلك، فإنه مع وطيها في بعض ليالي الأسبوع وترك وطيها في الليالي الاخر يعلم بمخالفة التكليف.
الثاني: أن لا يكون المكلف به في كل من طرف الفعل والترك تعبديا أو كان أحدهما المعين تعبديا، فإنه لو كان كذلك لكان المكلف متمكنا من المخالفة القطعية بترك قصد التعبد في أحدهما أو في خصوص المعين، ومهما تمكن المكلف من المخالفة القطعية فالعلم الإجمالي يقتضى التنجيز ولو بهذا المقدار ولو لم تجب الموافقة القطعية لعدم التمكن منها. ودعوى الملازمة بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية فإذا لم تجب الموافقة القطعية لم تحرم المخالفة القطعية، قد عرفت ما فيها.
الثالث: عدم القول بوجوب الموافقة الالتزامية للتكليف المعلوم بالإجمال، فإنه لو بنينا على وجوب الموافقة الالتزامية لكان المكلف متمكنا أيضا من المخالفة القطعية بترك الالتزام بالتكليف المعلوم بالإجمال أو الالتزام بضده. ولكن في أصل الموافقة الالتزامية موضوعا وحكما إشكال، فان المراد من الموافقة الالتزامية إن كان هو التصديق بما جاء به النبي (صلى الله