المتقدم من معنى الحكومة وأنها ظاهرية لا واقعية وأن حكومتها لأجل كونها واقعة في طريق إحراز الواقعيات فتكون حاكمة على كلا جزئي الموضوع: من الواقع ومن الإحراز، بل حكومتها على الواقع لمكان كونها محرزة له، فتكون حكومتها على أحد جزئي الموضوع انما هي بعناية حكومتها على الجزء الآخر وهو الإحراز فأي أثر رتب في الشريعة على العلم بما أنه محرز يترتب على الطرق و الأمارات والأصول المحرزة ولو كان ذلك الأثر من جهة دخله في الموضوع و كونه جزئه، فإنه يكفي هذا المقدار من الأثر في صحة التعبد ولا يتوقف على أن يكون تمام الموضوع.
والحاصل: أن نتيجة الحكومة الظاهرية هي التوسعة في الإحراز وأنه أعم من الإحراز الوجداني، وإلا لم يكن للحكومة معنى، وبملاحظة هذه الحكومة صح أن يقال: إن الموضوع هو الأعم من الإحراز الوجداني وهو العنوان الكلى، لكن لا لمكان أن معنى العلم ذلك - كما هو مفاد الوجه الأول - بل لمكان الحكومة وأن نتيجتها تكون ذلك.
فظهر: أن في قيام الطرق والأمارات والأصول مقام القطع المأخوذ في الموضوع على وجه الطريقية لا يحتاج إلى التماس دليل آخر غير أدلة حجيتها، و أن قيامه مقامه من لوازم حجيتها وحكومتها على الأحكام الواقعية بالحكومة الظاهرية هذا إذا اخذ العلم في الموضوع على وجه الطريقية، وأما إذا لم يؤخذ في موضوع أصلا وكان طريقا عقليا محضا فقيامها مقامه أولى، لأن الواقع يكون