ولكن الإنصاف: أنه لا يمكن القول بذلك (1) فإنه قد تقدم في بعض المباحث السابقة: أنه يجب على الشارع ايجاب الاحتياط في الموارد التي يلزم رعاية الواقع فيها لأهمية الملاك والمصلحة التي اقتضت تشريع الحكم على طبقها، فإنه لا سبيل للعباد إلى تشخيص الملاكات والمصالح النفس الأمرية وأنه في أي مورد يلزم رعاية المصلحة كيفما اتفق وفي أي مورد لا يلزم إلا من طريق السمع وايجاب الاحتياط في الموارد المشتبهة وعدمه. ولابد وأن يكون ايجاب الاحتياط واصلا إلى المكلف، وإلا فهو لا يزيد على نفس التكليف الواقعي، فكما أن احتمال التكليف لا يكون ملزما عند العقل ما لم يكن من أطراف العلم الإجمالي كذلك احتمال ايجاب الاحتياط، فان قام دليل على وجوب الاحتياط في مورد فهو، ويكون ذلك بمنزلة المخصص لما انعقد عليه الإجماع: من أن بناء الشريعة على امتثال التكاليف بعناوينها الخاصة - الذي كان مدرك الكشف - وحاكما على ما استقل به العقل من الحكومة وكفاية الامتثال الظني، ولا كلام فيه حينئذ، فيكون حال ما دل على ايجاب الاحتياط في بعض الموارد حال ما دل على المنع عن العمل بالظن القياسي، وسيأتي أنه لا إشكال فيه. وإن لم يقم دليل على ايجاب الاحتياط في مورد، فهو يكون كسائر الموارد التي انسد باب العلم والعلمي فيها لابد من اعتبار الظن فيه كشفا أو حكومة (2) ولا أثر لمجرد احتمال ايجاب الشارع الاحتياط فيه، فان حكمه حكم
(٣٠٤)