- وإن لم يعلم المكلف به - يجزى في غير التكاليف العبادية بل حتى فيها إذا تمشى من المكلف قصد التعبد والتقرب، وأما مطابقة العمل للطريق المنصوب من باب المصادفة والاتفاق لا يجزى، لأن الطريق الغير الواصل لا يقتضى التنجيز ولا المعذورية، وكيف يقتضى المعذورية مع عدم استناد المكلف إليه في العمل؟ لأن الذي يستقل به العقل هو امتثال التكاليف الواقعية ولزوم الخروج عن عهدتها إلا إذا استند المكلف في العمل إلى ما نصبه الشارع طريقا إلى التكاليف، فلا مجال لتوهم اشتغال الذمة بالطرق المنصوبة مع عدم إحرازها ووصولها تفصيلا، ونتيجة ذلك: هو مع العلم بالطريق يجزى العمل بمؤداه مع عدم العلم بمخالفته للواقع. كما يجزى العلم بالواقع، ومع انسداد باب العلم يجزى العمل بما ظن كونه طريقا كما يجزى العمل بما ظن كونه حكما واقعيا، لعدم التفاوت فيما هو المهم عند العقل: من لزوم الخروج عن تبعة التكاليف بوجه، إما علما مع التمكن، وإما ظنا مع عدم التمكن، وذلك يحصل بالظن بكل من الواقع والطريق، فتخصيص النتيجة بخصوص الظن بالطريق لا وجه له، كما لا وجه لتخصيصها بخصوص الظن بالواقع - كما ذهب إليه بعض المشايخ - لاشتراكهما في الأثر.
ولعل منشأ توهم اختصاص النتيجة بخصوص الظن بالواقع، هو أن مقدمات الانسداد إنما تجرى في المسائل الفرعية والأحكام الشرعية دون المسائل الأصولية، فان أول المقدمات هو انسداد باب العلم والعلمي بالأحكام الشرعية ويتبعها ساير المقدمات، فلابد وأن تكون النتيجة اعتبار خصوص الظن بالواقع لأن النتيجة تابعة للمقدمات، هذا.
ولكن لا يخفى أن المقدمات وإن كانت تجرى في خصوص الأحكام الشرعية، إلا أن نتيجتها أعم من الظن بالواقع والظن بالطريق (1) فان تمهيد