لا في كل واقعة واقعة مع قطع النظر عن الرجوع إليها في ساير الوقايع، بل لزوم المخالفة الكثيرة كان أحد الوجوه الثلاثة المتقدمة في المقدمة الثانية.
وأما الوجه الثالث - وهو العلم الإجمالي - فهو يقتضى عدم جواز الرجوع إلى البراءة في كل مسألة مسألة، لأن الأصول النافية للتكليف لا تجرى في كل واحد من أطراف العلم الإجمالي، وحيث إن كل مسألة مسألة من أطراف العلم الإجمالي، فلا تجرى فيها أصالة البراءة.
بل يمكن تقريب الوجه الأول - وهو الإجماع - على وجه يقتضى عدم جواز الرجوع إلى البراءة في كل واقعة واقعة، بدعوى: أن انعقاد الإجماع على عدم جواز إهمال الوقايع المشتبهة ليس لقيام دليل تعبدي عند المجمعين عليه، بل لأجل ما استقل به العقل من قبح الاعتماد على البراءة قبل الفحص واليأس عن الظفر بمراد المولى (1) لأن من وظيفة العبد التفحص عن الأحكام، وقبل الفحص يستقل العقل باستحقاقه للعقوبة وصحة مؤاخذته على تفويته لمرادات المولى، وليس له الاعتذار بعدم العلم بها، كما يستقل العقل بعدم استحقاقه للعقاب وقبح مؤاخذته وصحة الاعتذار منه بعد الفحص واليأس عن الظفر بالأحكام أو بما يكون قاطعا للعذر من الحجة القائمة عليها، فلا يجوز للعبد الرجوع إلى البراءة في كل مسألة مسألة مع قطع النظر عن كونها من أطراف العلم الإجمالي،